أنا عارف إن كلمة «زغروطة» بتكتب بالدال مش بالطاء.. يعني «زغرودة».. بس أنا حابب أكتبها زغروطة.. بدون ما أبقي مخرب للغة العربية.. بس أنا حاسس إن حرف «الطاء» مناسب أكتر لمعني الكلمة.. يعني تخيل لو أنت في خطوبة ولا في فرح ولا حتي في طهور، وسمعت واحدة راحت مزغرطة زغروطة حلوة، وحبيت تعرف مين اللي زغرطت دي.. بذمتك الأحلي إنك تقول.. مين اللي زغرطت؟ ولا مين اللي زغردت؟ ده مش بعيد لو جوزها سمعك بتقول علي مراته «زغردت» ممكن يطاهرك مع العيل اللي بيطاهر.. أو تخيل لو نجحت بعد ما سهرت الليالي في المذاكرة ومققت عينيك في الكتب وشرب شاي وقهوة ودروس خصوصية وجبت مجموع كبير جدًا وراجع البيت فرحان إنك هاتدخل طب وتبقي دكتور.. ووسط ده كله مامتك تقولك: والله لأنا مزغردالك.. راحت الفرحة.. والمجموع الكبير نقص النص.. وكلية الطب بالنسبة لك بقت معهد كمبوسكو.. مرة سمعت صوت زغروطة في المطار.. سمعتها من غير ما أشوف مين اللي مزغرطها.. صوتها كان وحش أوي وبايخ.. الأهم بالنسبة لي كان السؤال.. اللي هو.. يا تري اللي بتزغرط في المطار دي بتزغرط ليه؟! حد وصل من الحج؟.. بس ده مافيش حج في شهر محرم.. جايز حد نجح؟! طب واللي نجح ده نتيجته متعلقة في المطار مثلاً، وجاي يشوفها.. ولا واحدة حامل في التاسع كانت مسافرة ولا راجعة وجالها الطلق وولدت؟!.. بس أكيد لو واحدة جالها الطلق وهاتولد في المطار أهلها هايطلبوا الإسعاف أوقع من إنهم يقعدوا يزغرطوا في صالة السفر.. تخمين خاطيء.. طب إيهّ؟! إيه سبب الزغروطة الوحشة اللي رنت في مطارنا دي! صوت الزغروطة اللي ملهاش صاحب دي، كان بيقرب مني كل شوية، لحد ما أخيرا لقيت مجموعة ناس كده ووسطهم عروسة لابسة فستان فرح أبيض أوحش من الزغروطة.. وفي رقبتها شبكة ألماظ ذوقها بشع.. لقيت الناس دول ملفوفين حوالين العروسة وكان ناقص يعملوا دايرة ويرقصوا حواليها ويغنولها يا طالعة سلالم الطيارة يا ماشالله عليها.. إيه اللي جاب العروسة دي المطار بفستان فرحها.. جايز اتلخبطوا بين المطار والفندق اللي جنب المطار.. كل ده مش مشكلة.. مش مشكلة إن العروسة بيزغرطولها في المطار ولا إنها جاية تتجوز في صالة تلاتة.. المشكلة مش في فستان الفرح أبو ديل طويل أوحش من فستانه ده.. المشكلة هاتركب بيه الطيارة إزاي؟! هاتعدي بيه من بوابة الكشف بتاعت المعادن اللي علطول بتصفر دي إزاي؟! هاتطلع بيه سلم الطيارة إزاي؟! هاتقعد بيه علي الكرسي إزاي؟! هاتاكل إزاي؟! لو حبت تروح الحمام هاتروح إزاي.. وإزاي.. وإزاي.. وإزاي.. إزيات كتير قوي خلتتني أهنج.. معقولة في عروسة تسافر بفستان فرح أكبر من الطيارة؟! ده فستان عايز طيارة لوحده.. ده الواحد بيبقي في الطيارة عايز يقلع كل هدومه من الزهق.. طيب لو الطيارة وقعت في المحيط وجالنا فرق الإنقاذ ينقذونا، ولقوا عروسة بفستان أبيض بتعوم وسط المحيط.. أكيد هايفتكروها عروسة المحيط، ومش بعيد يسيبوها عشان المحيط مايبقاش من غير عروسة.. الله يكون في عون المحيط وعون عريسك.. آه صحيح.. هو فين؟.. ولأن العريس لازم يبقي لابس بدلة، فدورت عليه بعنيا.. بس مالقيتش أي بدل ملبوسة.. فين العريس؟! جايز يكون مش لابس بدلة.. وليه مش واقف جنبها وسايبها واقفة لوحدها وسط الدايرة.. فجأة ظهر راجل لابس شورت ووقف جنبها وهو بيضحك ومبسوط أوي.. فضولي إني أحدد ده العريس ولا لأ.. نساني آخد بالي إن الراجل ده ياباني.. عريس ياباني.. ياسلااااام.. صحيح كل واحد بيلاقي نصه التاني، حتي لو كان ياباني.. الحقيقة أنا ماكنتش عارف هو ياباني ولا صيني.. أصلهم قطعية واحدة.. ارتحت بعد ما شفت العريس الياباني.. بس ارتياحي ده راح مع ضربة فلاش من كاميرا صغيرة كانت في إيد واحدة يابانية قصيرة بشورت برضه واقفة بتصور العروسة مع الراجل الياباني ده.. الراجل طلع جوز اليابانية.. أيوه كده الصورة تبقي صح.. الياباني لليابنية.. لأنه لو كان الياباني ده هو جوز العروسة دي.. أكيد ماكانتش اليابان وصلت للي هي فيه دلوقتي.. طلعوا اتنين سياح يابانيين كانوا بيتصورا مع العروسة عشان يرجعوا اليابان يسيحولنا بالصور.. طيب والعريس المصري بقي إمتي هايبان؟ إظهر وبان عليك اليابان.. لم يظهر العريس المصري.. فضولي اللي هايوديني في داهية خلاني اتخفي ورا شنطة وأقرب منهم أكتر وأحاول أسمع أي حاجه تقتل فضولي.. سمعت الست الفرحانة اللي كانت بتزغرط زغاريط وحشة بتتلكم مع ست تانية زعلانة ماكنتش بتزغرط خالص.. الزعلانة قالت للفرحانة: مش كان محمود ابني أولي بعزة بنتك.. أهو علي الأقل كنتوا عارفينه وحافظينه ومربينه وابن خالتها وجارها، وكان زميلها في الكلية والشغل.. الفرحانه قالت لها وهي باصة علي عزة بنتها: كله قسمة ونصيب يا أختي.. الزعلانة قالت لها: والقسمه والنصيب يقولوا إنكوا تجوزوها لواحد ماتعرفهوش.. إفرضي طلع متجوز.. الفرحانة قالت لها: الشرع حلله أربعة.. قامت الزعلانة قايلالها: ده إنتوا حتي ماتعرفوش شكله.. الفرحانة ماسكتتش وقالت لها: مين قالك؟! ما هو بعت لنا صورة حلوة قوي.. الزعلانة بزعل مليان فقدان أمل قالت لها: أنا مش مصدقة إنك تجوزي بنتك لواحد بتوكيل.. لا تعرفه ولا يعرفها، ولا شافته ولا شافها، وتسفروها كده كأنها كرتونة ولا شنطة.. الفرحانة بفرح مليان مصلحة وجهل قالت لها: هي هاتعوز إيه تاني أكتر من كده.. ده بعتلها مهرها ميتين وخمسين ألف جنيه.. ده غير الشبكة التحفة اللي في رقبتها.. ولا فستان الفرح اللي هاياكل منها حتة.. ده كمان تلاقيه بشيء وشويات.. الزعلانة بزعل صادق قالت لها: الحاجات دي فرحتكوا إنتوا.. بصي علي بنتك كده.. شكلها مبسوط؟ بصت الفرحانة وبصيت معاها.. إحنا الاتنين مبتسمين، وفضلت الفرحانة مبتسمة، وأنا راحت ابتسامتي.. اللي شفته علي وش عزة زعل وحزن كبير ماخدتش بالي منه.. أصلي كنت مشغول بفستانها أبو ذوق وحش اللي ماكنش عندها حق اختياره.. اتشغلت بشبكتها اللي أكيد خنقاها دلوقتي واللي ملهاش ذنب في وحاشتها.. عزة مابتضحكش.. وشها جامد كأنه بلاستيك.. عينها ثابتة كأنها كفيفة.. باصة علي لوحة مواعيد الطيارات.. لسانها مستخبي جوة بقها وبيدعي إنه يارب الطيارة ما تطلع.. عزة مقهورة زي أم محمود وأكتر.. ماصدقتش اللي سمعته بوداني.. عروسة متجوزة بتوكيل وهاتتشحن علي جوزها.. جوزها اللي الحاجة الوحيدة اللي شافتها منه صورة أمها بتقول إنها حلوة أوي، وانا لا يمكن أصدقها.. وإلا كنت صدقت إن فستانها هاياكل منها حتة، وشبكتها تحفة زي ما قالت.. عرفت عريس الغفلة من غير ما أعرفه ولا أشوفه.. بس عرفته.. من ذوقه.. فستان وحش وشبكة أوحش.. عزة كانت باصة ناحية باب الدخول.. بتشب علي طراطيف صوابعها تخطف نظرة من بين زحام الناس.. بتميل يمين وشمال بنظرة نفسها تكمل لحد الباب القزاز.. الباب القزاز اللي كان واقف وراه محمود.. محمود ابن خالتها وزميلها وحبيبها.. محمود اللي كان نفسه يتجوزها.. محمود ابن أم محمود الزعلانة.. عرفته من غير ما أعرفه.. عرفته من دموعه، ولو كان كل الدعا بيستجاب ماكنش جه ميعاد الإعلان عن إقلاع الطيارة.. اللي رن في سماعات المطار وكأنه حكم إعدام محمود.. بص في عينها أكتر ما كان بيبص.. عيط أكتر ما كان بيعط.. حاول يمنع دموعه اللي فضحت حبه وسط شيالين المطار.. بس معرفش.. معرفش يمنعها ومعرفتش أنا كمان.