قدر ولطف‏..!!‏
عبر النتيبدأ مكتب تنسيق الجامعات خلال ساعات توزيع دفعة جديدة من ضحايا وهم التعليم الجامعي لأن الجميع في النهاية ـ سواء بالثانوية أو بالرخصة الجامعية ـ علي القهوة بشحم الفابريقة‏..!!‏ وأتوقع ـ مع ذلك ـ أن تشهد كليات الطب إقبالا شديدا ـ رغم قرار خفض أعداد المقبولين فيها ـ أملا في أن يصبح الجميع أطباء للأنف والأذن والحنجرة والذين أتوقع أن يتحولوا إلي مليارديرات وذلك نتيجة ما نفعله بأنفسنا‏..!!‏فأي طبيب في هذا التخصص سيأكل الشهد ـ علي رأي عمتي فريدة الله يرحمها ـ لأنه مش هيلا حق علي الزبائن التي هتترصص في العيادة وعلي سلالم العمارة إللي فيها العيادة إضافة إلي الطوابير الطويلة في الشارع وعلي القهاوي‏!!‏يا إخوانا إحنا بقينا شعب أطرش ما بنسمعش يعني هناك أكثر من‏76‏ مليونا و‏143‏ ألف و‏678‏ مواطنا هيبقوا زباين للعيادة‏..‏ وياهناه يا سعده دكتور الأذن‏,‏ لأن أمه داعية له في ليلة القدر‏!!‏فعلي المستوي الاجتماعي ستجد نفسك صحوت فجأة من النوم علي صراخ وزعيق صادر من الشقة التي أمامك وستصاب بالرعب والفزع وكأنك حلمت بالأستاذ ذكي مدرس الحساب وهوباصص لك في فصل ثانية أول ويصرخ صرخته الشهيرة طلعوا كراسات الواجب‏!!..‏ المهم‏'‏ لما تخبط علي باب شقة جارك وتسأل خير يا جماعة؟‏..‏ هي فيه مصيبة حصلت لا قدر الله؟ ستجد الراجل صاحب الشقة بيبص لك نظرة مش حلوة ويقول لك لا دا أنا كنت بأقول للمدام اعملي لي كوباية شاي‏..‏ وتسمع صوت المدام من جوه المطبخ مين يا عزوز إللي جاي في ساعة زي ديه ويمكن كمان تتبع سؤالها ده برضه بوصف للي جاي في وقت غير مناسب‏!!‏الشارع بقي حاجة تانية خالص‏..‏ إذا نفدت من أصوات الرعد إللي طالعة من العربيات وهي بتجري وسايقها شاب روش ـ ومشغل الكاسيت علي أعلي درجة ـ ولم تصب بالطرش ـ مش هتنفد من أصوات الكلاكسات إللي بتضرب علي طول زي ما يكون إن إدارة المرور مشترطة علي أي حد يسوق عربية إنه يفضل حاطط أيده علي الكلاكس وبيسوق بأيد واحدة علشان يحصل علي رخصة القيادة‏!!‏علي المستوي الاجتماعي أيضا وبخاصة بالنسبة للعلاقة بين الناس والحكومة تلاقي الناس قاعدة تصوت وتصرخ من زيادة الأسعار وقلة الدخل وفي نفس الوقت الحكومة بتقول علي لسان وزرائها إن الأسعار بدأت تنخفض ويطلع لنا وزير يقول إن سعر العجوة انخفض في المجمعات الاستهلاكية‏!!‏ آه والله العظيم قال كده سعر العجوة إنما ما جبش سيرة أي سلعة تانيه تهم الناس زي مثلا باغات لياقات القمصان أو مربي السفرجل‏..‏ أو إبر بوابير الجاز أو أي سلعة من السلع المهمة دية‏!!‏ يعني في النهاية إن الحكومة حتي مش سامعانا‏!!‏أما علي المستوي السياسي هناك حدوتة كبيرة وخصوصا في الانتخابات البرلمانية‏..‏ الناس كانت بتقول رأيها في صندوق الانتخابات وتفاجأ بيه حاجة تانية خالص ودلوقتي بقت فيه موضة جديدة هي عدم تدخل الحكومة في الانتخابات بطريقه مباشرة يعني بتتدخل بطريقة غير مباشرة في صورة إنها تسيب سيدة الدكر ـ المسجلة خطر هي وأعوانها ـ علي لجان الانتخابات التي يشكون في إمكانية نجاح أي مرشح آخر غير مرشحهم‏..‏ والباقي بقي أنت عارفه‏..‏وإذا كنت ما تعر فش ـ فهذا أفضل لك بدل ما أقولك روح وجرب ولما تفوق إنشاء الله من الغيبوبة إللي هتدخل فيها لمدة‏3‏ أسابيع وتبص حولك هتلاقي المدام أمامك بس ما تسألهاش هي مين أو إيه إللي حصل إنما لما ربنا يقدرك وتقوم من السرير وتقدر تروح الحمام أبقي بص في المراية وأنت هتعرف إيه إللي حصل لك بس المشكلة وقتها إنك مش هتعرف مين إللي باصص عليك من المراية ولكن ستسمع أصوات المقربين لك وهم بيرددوا أوعي تزعل‏..‏ قدر ولطف‏!!

أرثر ميللر......كل الرجل حســـدوهـ




الرجل الذي انصب عليه يوما حسد رجال العالم‏,‏ ذلك لأنه اقتني في حجرة نومه نبع الأنوثة‏,‏ واصطفي لنهاره طلعة الحسن‏,‏ وتعاظم بسطوته ليعلق في ذراعه درة نساء الأرض‏,‏ وتفرد بين أجاويد الرجال بعشق خلاصة الدلال‏..‏

الكاتب والروائي العالمي آرثر ميللر الذي تزوج يوما من مارلين مونرو‏..‏ العملاق الذي قارب بقامته المترين.
وأصبح في نظر الأمريكيين بابا الأدب الأمريكي‏..‏ الشامخ برواياته المتدفقة الحافلة بالنقمة علي النظام الأمريكي‏..‏ الرافض للظلم بعدم تسلم جائزة شارون تعبيرا عن استيائه من سياسة إسرائيل ضد الفلسطينيين‏..‏ المفكر الذي ارتفع اسمه للقمة لحصوله في الرابعة والثلاثين علي جائزة بوليترز عام‏1949‏ أرفع جائزة أدبية أمريكية عن مسرحيته وفاة بائع متجول التي تسببت في استدعائه للتحقيق أمام لجنة مكارثي سيئة السمعة التي كونها مجلس الشيوخ الأمريكي للتفتيش في عقول المثقفين والمبدعين تحسبا من تهمة الميول الاشتراكية‏..‏ آرثر ميللر الذي بدأت الاستعدادات في الدوائر الأدبية الأمريكية والعالمية للاحتفال بمئوية مولده في‏17‏ أكتوبر عام‏1910‏ ليظل حتي بلوغه التسعين يكتب وينتج ويباشر أعماله‏,‏ حيث قدم وهو في تلك السن مسرحيته الأخيرة انبعاثات ناعمة التي حفزت همته للتنقل يوميا ما بين محل إقامته في نيويورك ومدينة روكسبوري بولاية كونكتكت للإشراف بنفسه علي اللمسات الأخيرة فيها‏,‏ خاصة أنه كتبها وفي ذهنه هاجس عدم تقبل الجمهور لها‏:‏ كتبت هذه المسرحية بمزاج ومناخ مختلفين تماما عن جميع مسرحياتي‏,‏ فهي تراجيديا الغرائب القريبة من الخيال العلمي التي تركز بصورة خاصة علي تحويل إنسان هذا العصر إلي سلعة للتسويق‏,‏ ولا أكاد أصدق ما تلاقيه المسرحية من نجاح يعكس مؤشرا لا يصدق بأن المواطن الأمريكي لايزال قادرا علي تذوق الفن واستيعاب الثقافة وسط كل هذه الأجواء المشحونة بالدم وبهستيريا الحرب وارتفاع بالونات الضحالة فوق الرؤوس‏.‏آرثر ابن الخياط الأمي ــ الذي علموه في الكبر كيف يكتب حروف اسمه ــ كان يري أن التاريخ ليس سوي سلسلة من فصول الخريف القاحلة‏..‏ إنها تجربته الذاتية مع التاريخ الخريفي‏,‏ ففي العشرينيات كانت الرأسمالية الضارية‏,‏ وفي الثلاثينيات كان الكساد‏,‏ وفي الأربعينيات كانت كراهية هتلر‏,‏ وشهدت الخمسينيات نتاج الحرب الباردة‏,‏ أما الستينيات فيقول عنها ميللر‏:‏ فترة فقدت فيها الإيمان بأية نبوءة اجتماعية رغم حركات السود ونقمة فيتنام‏..‏ ركام مرارة العمر المترسب من إحباطات حياته صاغه الكاتب في مذكراته بعنوان آثار الزمن التي تحدث فيها عن زوجاته الثلاث ماري ومارلين وانجي الثالثة نمساوية الأصل التي تعمل مصورة فوتوغرافية وعاش معها حتي النهاية في بيته الجبلي وسط غابات كونكتكت بعد صراع طويل مع المرض‏,‏ بل عدة أمراض منها وهن عضلة القلب والالتهاب الرئوي والسرطان‏.‏حول طفولته في نيويورك التي لازم فيها شقيقه كيرميت الذي يكبره بثلاث سنوات يروي‏:‏ كان أخي بعينيه الزرقاوين وبشرته البيضاء أقرب في الشبه من أبيه‏,‏ بينما ولدت أنا ببشرة داكنة وعيون قاتمة وشعر أسود مثل أمي‏..‏ كان كيرميت وسيما علي عكسي بأذناي المشرعتين اللتين كانتا مسار تهكم خالتي موي ونكتتها السمجة ساعة نزور الأسرة‏:‏ آرثر اخلع أذنيك فنحن مقبلون علي نفق وكان أقارب والدي يحدقون في وجهي بابتسامة متعالية فقد كانوا جميعا يتميزون ببشرة بيضاء وعيون زرقاء جميلة مثل عيون البقر ويشيرون نحوي قائلين‏:‏ من أين جئتم بهذا الولد؟‏!..‏ وعندما تزوجت فيما بعد وذهبت أزف الخبر لوالدي لطمني بسؤاله العنصري‏:‏ هل هي بيضاء؟‏!‏ ولطالما لمست ردود فعل والدي وعشيرته تجاهي أنا وأمي بما يعني رفضا لنا‏..‏ ذلك الرفض الذي يصدمك بمجرد أن تدخل من الباب حتي ولو لم تتفوه بحرف واحد‏..‏ لكن أمي كانت رغم ذلك ألمع أفراد الأسرة بشهادتها الدراسية وولعها بقراءة الروايات وأخبار النجوم والمجتمع‏..‏ كانت امرأة مبهورة بعالم لم تستطع الوصول إليه‏,‏ وبكتب لم تستطع قراءتها‏,‏ وبأشخاص مهمين لم تتمكن من لقائهم خاصة أن غالبيتهم من كتب التاريخ‏,‏ والواقع أن أمي كانت بالنسبة لأبي مجرد صفقة ناجحة فهي المتعلمة وهو الذي لا يعرف فك الخط‏,‏ وعندما تستأسد عليه مستعرضة معلوماتها يهز رأسه تأكيدا علي أقوالها‏,‏ وساعتها كان قلبي يعتصر من أجل خنوعه ومذلته أمامنا‏,‏ لكنه كان يتحمل الإهانات في رباطة الجأش يحسد عليها‏!.‏آرثر‏..‏ صاحب الفك العريض المتلائم مع كفين غليظين يليقان بساعدي فلاح‏,‏ والذي كان يفضل الحديث جالسا وهو يمد ساقيه الطويلتين للغاية‏,‏ ويحرك بلا انقطاع ذراعين كأنهما خشبتا المارونيت‏..‏ الذي يهوي النجارة ويصنع من الخشب قطعا من الموبيليا الأخاذة عند استراحته من الكتابة‏....‏ أفلس والده الترزي خلال فترة الكساد الاقتصادي وعانت الأسرة ظروفا قاسية مما جعله يشحذ نصل التحدي ضد الرأسمالية في أعماله الأولي خاصة موت بائع متجول‏,‏ وفي مسيرة التحدي استكمل تعليمه الجامعي في جامعة ميتشجن ليصرف عليه من دخل عمله الليلي في أحد المخازن‏,‏ حيث بدأ يكتب أولي محاولاته في القصة والمسرح‏,‏ وكانت تجربته الوحيدة في عالم الرواية باسم فوكوس حول جرائم النازية نشرت عام‏1945,‏ ومن بعدها مسرحياته المشهد من الجسر وذكري بوحي من اثنين وبعد السقوط عام‏1964‏ بعد طلاقه من مارلين التي تضم بحثا عميقا لواقع الفشل في العلاقات الزوجية‏,‏ ثم في عام‏1977‏ كتب مسرحية سقف الأسقف التي عالج فيها مأساة الأدباء الروس المنشقين داخل وطنهم وخارجه‏,‏ ثم مجموعة من الأعمال تحت عنوان الساعة الأمريكية‏,‏ ومجموعة من القصص القصيرة بعنوان ما عدت في حاجة إليك‏,‏ومن أجل أن يكتب مسرحية تعكس واقع الكثير من الدول‏,‏ بطلها طبيب نفسي مسئول عن سجن يختلط فيه المجانين بالأصحاء وهو يحاول عبثا منع الجنون من الانتشار بين الأصحاء وأمضي ميللر عدة أشهر شبه مقيم في سجن جاكسون الذي يضم‏8‏ آلاف سجين أكثريتهم قبض عليه في سنوات الكساد الاقتصادي‏,‏ حيث سرق البعض ليأكل‏,‏ وسرق البعض لأن السرقة أصبحت مناخا عاما‏.‏ورغم ما كتبه ميللر في مذكراته عن الثلاث زوجات فقد أفرد لمارلين وحدها فصلا كاملا ملؤه الشجن‏:‏ كانت مثالا لشاعرة تقف علي قارعة الطريق تحاول إنشاد الشعر لجمهور يمزق أطراف ثوبها ولا ينصت للشعر‏..‏ وقال فيها‏:‏ كانت نورا دوارا يخترق شرايينك ليشعلها‏,‏ وكانت سرا محيرا لن تستطيع مهما اقتربت منه إلي حد الالتصاق أن تسبر غوره‏..‏ تبدو في لحظة مثالا للفجاجة والدونية وسرعان ما تنساب في حساسية غنائية شاعرية نادرا ما يحتفظ بها المرء بعد سن المراهقة‏..‏ ويقول آرثر في مارلين الكثير والكثير فهو صاحب القلم الأدبي العبقري وهي مالكة الفتنة والجمال والجسد الخالي من العيوب‏:‏ كانت تري الرجال جميعهم مجرد أطفال لديهم مطالب عاجلة هيأتها طبيعتها لتلبيتها‏,‏ بينما يقف جانب من تكوينها النفسي للفرجة علي مراحل اللعبة بشغف بالغ‏!..‏ كانت غير قادرة علي الإدانة أو حتي مجرد إصدار الحكم علي الأشخاص الذين آذوها‏,‏ وكان البقاء إلي جوارها يعني الانسجام التام والخروج من بحور الشك إلي شواطئ النور النقاء‏..‏ لم يكن لها عقل لكن كل ما تفعله كان أسمي من العقل والتعقل‏..‏ لديها بصيرة ممتدة وبعيدة تري بها أن الإنسان كله احتياج وكله جراح‏..‏ كانت ملكة في جزء منها ومتشردة مبتذلة في جزء آخر‏..‏ تركع أحيانا أمام جسدها الآسر وأحيانا يقودك هذا الجسد إلي حافة اليأس‏..‏ في عام‏1950‏ كنت بالكاد أعرف مارلين بجاذبيتها المفضوحة وطابعها الطفولي وتحررها من الروابط‏,‏ وكان تتحرك تلقائيا لتحطم مفصلات الوقار لدي الرجال ليواجه كل منهم بعد لقائها المأساة التي أوقعته فيها دون قصد منها‏..‏ كان بعضهم صلبا في تراجعه للتمسك بزواج ممل هرب الحب من شباكه بمضي المدة خوفا من أن يفقد مركزه الاجتماعي‏,‏ والبعض الآخر يهجر بيته وامرأته وأولاده من أجلها ولا يناله منها سوي الهجر‏...‏ كانت مارلين تسيطر علي خيالي بقوة لا أفهمها أشبه بإضاءة قادمة من كلوب سطع علي سهول الظلام من حولي‏..‏ كانت نوبات مارلين تعتريني فجأة وبلا سابق إنذار ولا يطفئ حمي الاجتياح سوي الوقوف ساعة في العراء الجليدي‏..‏ كان مجرد أن يسقط قلمي غطاءه‏,‏ أو يتفجر النور في ظلام الغرفة‏,‏ أو تموء قطتي في الجوار‏,‏ أو ألمح خصلة بلاتينية في آخر القاعة‏..‏ كلها فسيفساء علي لوحة حياتي تذكرني بها‏..‏ كنت أناضل للحفاظ علي زواجي وأسرتي‏,‏ وفي حاجة ملحة للتعلق بقشة بعيدا عن خضم محيط مارلين‏,‏ لكن كل ما يتعلق بي خارج محيطها كان مواتا وصحراء قاحلة‏,‏ ومواجهة العاصفة ومحاولاتي اليائسة إنقاذ زواجي لم تصمد طويلا رغم أنني قمت ببيع منزل الأسرة الكبير والانتقال إلي بيت صغير رومانسي بالقرب من النهر في ويلا ستريت أمضيت أسبوعا في تجهيزه وتنظيم أشياء عديدة من التي ينهمك فيها الإنسان ليرسخ اعتقاده بأنه يبني مستقبلا مع زوجته أم أولاده‏,‏ لكن أجواء الثقة بيننا طارت كما يطير العصفور من عشه‏,‏ وبدا المنزل الجديد كقفص فارغ لا يسمع فيه تغريد العصفور‏..‏ وتلقيت من مارلين خطابا جاءني كمفاجأة أذابت ثلوج الحياة‏..‏ خطها فيه متعرج ينحني أسفل السطر ويعود فجأة وبحدة للارتفاع فوقه‏,‏ وكان مكتوبا بقلمين مختلفين أو ثلاثة‏,‏ منها القلم الرصاص وقلم الحواجب‏,‏ وكانت تتحدث في سطورها عن أملها في أن نلتقي عن قريب‏,‏ بل وعرضت أن تأتيني كلها في التو والساعة وبلا تردد إذا ما قدمت لها بارقة من التشجيع‏..‏ ورددت بلهجة رسمية ثقيلة الجفاف قلت فيها إنني لست الرجل الذي يجعل حياتها تسير كما رسمتها‏,‏ وأنني أتمني لها الخير والسعادة‏..‏ وما أن أغلقت الخطاب حتي أغلقت علي باب غرفتي لأدور كحيوان القفص فلم أكن جادا في ردي فقد استحوذت مارلين علي جميع مواقعي ومفاتيحي‏..‏ و‏..‏ظللت نهبا لاضطرابات داخلية حتي أصبحت مارلين بالنسبة لي مطلبا ملحا خارج نطاق العقل‏..‏ بعدها وللاحتفاظ بإتزاني النفسي قررت الطلاق من ماري فسافرت إلي بيراميدز نيفادا عام‏1956‏ لأقيم الستة أسابيع التي يطلبها القانون للحصول علي طلاق سهل‏,‏ فقانون نيويورك يلزم بإثبات الخيانة الزوجية لبلوغ نعيم الطلاق‏..‏ و‏..‏أقمت في أحد الأكواخ المطلة علي البحيرة التابع للموتيل البعيد وكان أقرب تليفون يبعد أربعين ميلا وهو مشوار يستغرق زمنا داخل عربة تقفز كما بهلوان السيرك فوق سلاسل من الجبال الوعرة‏..‏ كان الطلاق في نظري هو محطة الوصول المتفائل للكمال‏,‏ وثورة ضد الضياع‏..‏ كانت مارلين وقتها تصور فيلمها موقف الأوتوبيس من إخراج جوشوا لوجان‏,‏ وأيقظني مالك الموتيل يوما ليخبرني بأني مطلوب علي التليفون‏,‏ وكانت الساعة الحادية عشرة ليلا التوقيت الذي لابد وأن تكون مارلين قد لزمت فيه الفراش كعادتها‏,‏ وكركرت العربة فوق المرتفعات وفوق أعصابي حتي كشك التليفون الذي لا يضيئه سوي شعاع يخترق السحب قادما من القمر‏,‏ بينما الهواء المتسلل من تحت الباب يلسع كعبي بثلجيته‏..‏ طلبتها في الرقم الذي تركته فجاءني صوتها خافتا هامسا متقطع الأنفاس أسمعه بالكاد وسط ذبذبات الإرسال‏:‏ لا أستطيع الاستمرار‏..‏ كفاك تعقلا‏..‏ العمل بهذه الطريقة عذاب‏..‏ بابا‏..‏ لم أعد أستطيع‏..‏ كانت قد بدأت كنوع من المزاح والدلال تناديني بابا ثم استمرت تناديني بهذا اللقب‏..‏ لكنها الآن لم تكن تمزح بل تعكس لي نغمة صوتها أنها علي وشك البكاء‏..‏ تحدثني بلهجة حميمية كأنما تحادث نفسها‏..‏ لم تكن مهتمة حتي بذكر اسم من أساء إليها‏:‏ يقول إنني قمت بتمثيل المشهد بسوقية بالغة‏,‏ إنه لا يستطيع احتمال النساء‏.‏ لا أحد يستطيع احتمالهن رغم حقيقة طيبة قلوبهن‏..‏ إنهم يخافون المرأة‏..‏ كلهم كلهم‏..‏ أنا سوقية؟‏!!..‏ لقد طلب مني بلهجة منفرة أن أمزق ذيل فستاني وألقيه بعيدا‏..‏ ذلك الجزء الداخل في تفصيل الموديل من الخلف يثير حنقه‏..‏ لقد جعلني أضحوكة الجميع‏..‏ قلت له مزقه بمعرفتك‏,‏ ولم أكن أعرف أنه كان قد قام بالفعل بتمزيقه وكنت أريد القيام بذلك بنفسي حتي لا يتهدل مظهري‏..‏ لست ممثلة مدربة ولا أستطيع التظاهر بشيء إذا لم يكن حقيقيا ونابعا من أحاسيسي‏..‏ واجهته بأنني لن أقوم بدور مزيف فأخذ يدعوني مرات بأني سوقية‏..‏ إنه يكرهني‏..‏ لقد اقترح أن أجري في المشهد وأن ينخلع حذائي من قدمي فطاوعت أوامره وكان جديرا به أن يصيح ستوب‏,‏ لكنه عندما رأي الجالسين من حوله يغالون في ضحكهم تركني أعود راكضة أيضا بفردة حذاء واحدة ليستمر في تصوير منظري الساخر‏..‏ لا أطلب سوي أن أعيش في هدوء بعيدا عن كل هؤلاء‏..‏ أن أحيا إلي جوارك في الريف وأكون معك أينما تريدني‏..‏ بابا‏..‏ لم تعد لي القدرة علي حماية نفسي‏..‏ كان في صوتها صرخة إنسانة وحيدة ضائعة تناديني وسط الفضاء الأخرس الذي يحيطني‏,‏ ولعنت المسافات بيننا‏..‏ حاولت طمأنتها لكنها بدت كمن يسقط في عمق جب محال الوصول إليه‏,‏ وازداد صوتها ضعفا وخشيت أن أفقدها هناك بينما أنا وحدي هنا‏..‏ واستمر صوتها هامسا‏:‏ بابا‏..‏ بابا‏..‏ لا أستطيع‏..‏ وتخيلت صورتها منتحرة فشعرت من جانبي بالاهتزاز ليعلو الطنين في رأسي‏,‏ ووجدتني أنزلق علي الأرض في كشك التليفون والسماعة تنفلت من يدي‏,‏ وأفقت بعد لحظات وصوتها لم يزل هامسا تنادي بابا‏..‏ سأتزوجها وليكن ما يكون‏.‏وتزوجنا ولم تعد مارلين تستطيع الخروج من باب حجرتنا بالفندق دون التعرض لفلاشات الكاميرات المترصدة‏,‏ وانكمشنا نقضي الوقت في جميع أنواع الحوارات المطولة‏..‏ ولم يكن باستطاعتنا التحرك بحرية وسط الجو الهستيري من حولنا‏..‏ وكان غريبا علي مشاعري أن أري المراهقين في محلات الحلوي يحملقون بنهم في صور زوجتي بالمجلات‏,‏ وكنت أنوي دائما أن أخبرها عن سيطرتها الجماهيرية‏,‏ لكنها لم تكن بعيدة عما يجري في الشارع‏..‏ كانت أجور النجوم من حولها قد بدأت في الارتفاع إلا هي تبعا لعقدها القديم المجحف مع شركة فوكس‏,‏ وزودها هذا الوضع بتذمر الثوريين فكانت تناضل مثل متشردي هارلم لكسب بعض الاحترام في عالم فوكس الذي يعتبر أمثالها أصفارا‏..‏ و‏..‏لم تكن تجد إنصافا حتي ممن يمدحونها فقد كانت غالبية كتاباتهم بلغة تجار الرقيق الذين يرون في جاذبيتها درجة أفضل قليلا من بنات الهوي‏..‏ وفي ذلك الوقت اكتشف المنقبون نتيجة حائط ملونة بصورة عارية لها‏,‏ فطالبتها شركة فوكس بأن تعلن أنها ليست صورتها فرفضت مارلين معلنة أنها كانت وقتها في حاجة ملحة للنقود‏..‏ ورغم العاصفة فإنها وعت وقتها تماما أن النفاق هو قانون العصر وأنها هي بالذات مستهدفة‏,‏ وكانت مارلين تؤمن بأنها تمثل كل ما يداريه العالم التقليدي وراء ستار الزيف‏..‏ كانت إنسانة حزينة‏,‏ أراها كتماثيل الآلهة في معابد كمبوديا بنظراتها المتحجرة وابتسامتها الخافتة الواثقة‏..‏ قلت لها في إحدي جلساتنا الحميمة‏:‏ إنك أكثر من قابلتها حزنا‏,‏ وظنت في البداية أنني أنتقدها وأن الرجال لا يبتغون سوي المرأة المرحة‏,‏ لكنها عندما أدركت أنني كنت أطريها بقولي عادت الابتسامة الكمبودية لشفتيها قائلة‏:‏ علي فكرة إنت أول شخص يقول لي ذلك‏..‏ وذهبنا نري العالم ملونا والنوافذ تفتح علي أرض الأحلام وكأننا ولدنا من جديد‏..‏مارلين لم تكن يتيمة لكن والديها أودعاها ملجأ للأيتام للتخلص من عبء رعايتها وهي لم تزل في الرابعة‏..‏ لقد كان رعبها أن تكون أمها قد أنكرت بنوتها وسلمتها للأغراب‏,‏ وبمرور السنين كانت تقرب لمحيطها سيدات مسنات مختلات حتي للعمل في البيت‏..‏ كان من المستحيل معرفة ما تريده مارلين‏,‏ ولم تكن تحلم بأكثر من أن يمر يومها بسلام‏,‏ وروت لي يوما وبدون مناسبة أن عمتها آنا مرضت وماتت وكانت مارلين لم تزل في الرابعة عشرة‏,‏ وصدمت لموتها فقد كانت آخر شخص يمت لها بصلة القرابة‏,‏ فذهبت لبيت العمة ورقدت في فراشها بعد ساعات من موتها‏,‏ وعندما رأتهم يحفرون القبر وكان هناك سلم يؤدي لمكان اللحد‏:‏ سارعت لأنزل القبر ورقدت فيه قبل عمتي وكان المنظر عجيبا لمستطيل السماء المشرقة من فوقي بينما الأرض الباردة من تحتي‏..‏ وتعجب المشيعون لكنني سارعت بالفرار‏..‏ ووقعت مارلين عقدا مع شركة جرين لإنتاج فيلم الأمير والراقصة الذي تقاسمت بطولته مع سيرلورنس أوليفييه وكان التصوير في انجلترا حيث سافرت معها‏,‏ وعقد مؤتمر صحفي في نيويورك قبل السفر وقف فيه البطلان يجيبان علي أسئلة الصحفيين‏,‏ وكتب أحد المعلقين علي المؤتمر إنه كان يضم الفن الرفيع ممثلا في أوليفييه ورمز الجنس الرخيص ممثلا في مارلين‏...‏ يومها جاءتني بصحيفة النقد دون أن تنبس بكلمة واستدارت تتحدث في التليفون بلهجة كافحت لأن تكون طبيعية رغم إدراكي أنها كانت تكتم دموعها الخفية‏,‏ وسألها أحد الصحفيين‏:‏ هل صحيح أنك ترغبين في التمثيل في فيلم الإخوة كرامازوف وأي دور تنوين القيام به؟ ولأن الاستفزاز كان واضحا أجابت بكبرياء‏:‏ دور جروشينكا طبعا لأنها فتاة‏..‏ فرد السائل بغلظة‏:‏ ولكن هل تعرفين هجاء كلمة جروشينكا؟‏!..‏ إنه المرض الأمريكي وربما العالمي المتأصل وهو أن الجنس والجدية لا يجتمعان في امرأة‏..‏ وعدنا من السفر لروتين الزواج في أمريكا وكانت مارلين تذهب في الصباح لطبيبها النفسي وفي المساء إلي درس خصوصي في التمثيل‏,‏ وأحيانا نذهب لزيارة عائلتي في بروكلين‏,‏ حيث تحمل مودة خاصة لوالدي العجوز الذي يشرق وجهه لرؤيتها فهو المغرم بالجميلات صاحبات البشرة البيضاء والشعر البلاتيني‏,‏ وكان يريها قصاصات صورها في الصحف حيث يحتفظ بها في محفظته القديمة علي صدره‏..‏ وبدأ التصوير يتعثر في الفيلم المأخوذ عن روايتي غير المتكيفين عندما أصبحت مارلين غير ملتزمة في المواعيد‏..‏ لم أعرف وقتها ماذا أقول أو أفعل وشعرت بغضبها الشديد مني ومن نفسها ومن العمل‏,‏ وكان كلارك جيبل الذي يقاسمها البطولة مع مونتجومري كليفت يعتقد أنها مريضة ويظل في انتظارها ساعات بلا تذمر مما جعل من يعرفونه يتعجبون لهذا الصبر‏..‏ وتوقف التصوير أكثر من مرة خاصة بعدما بدأت مارلين تخرج عن النص قائلة إن الكلمات لا تهم ويكفي الانفعالات التي تعبر عنها‏,‏ وهذا الأسلوب إذا ما كان يحررها من الحفظ فإنه يربك الطرف الآخر أمامها الذي يلتزم بالنص‏,‏ وارتفعت مؤشرات مرض مارلين النفسي التي لم تعد تثق إلا بالمسنين والأطفال‏,‏ وكانت شجرة دمارها الداخلي قد قويت جذورها ولم تعد تعرف النوم إلا بالحبوب المنومة أي ببروفة انتحار كل ليلة‏,‏ لكنها مع الصباح تعود للأمل مثل سمكة في بحر الظلمات تقفز إلي ضوء الشمس قبل السقوط ثانية‏..‏ و‏..‏انتقلت مارلين إلي شقة خاصة بها وعندما ذهبت لزيارتها كان الطبيب يمسك بذراعها للبحث عن وريد لحقنها بالمهدئ فلما رأتني صرخت في وجهي لأخرج‏,‏ وعدت إليها فوجدتها محطمة لكن أهدأ من قبل فجلست أردد علي مسامعها كطفلة بأنني بابا‏,‏ وأنني لن أتركها أبدا‏,‏ لكنها أغلقت عينيها وأدارت رأسها فأصابني اليأس في التواصل معها ثانية‏..‏ وعادت للعمل بعد أسبوع لكن القطيعة بيننا كانت كاملة‏..‏ كنت قد خرجت تماما من حياتها‏,‏ لكني كنت أري عن بعد أن الفيلم قد أصبح عملية تعذيب بالنسبة لها‏,‏ فمنذ اللقطة الأولي أدركت شعورها بخيبة الأمل‏,‏ ليس في زواجها كشخصية تتقمصها في الفيلم فقط‏,‏ وإنما في الحقيقة أيضا‏..‏ وبعد أدائها اللقطة الثانية ذهبت لأقول لها أحسنت فنظرت ناحيتي بتهكم وكأنني أكذب عليها‏..‏ وتم التصوير وأخبرني كلارك جيبل أن غير المتكيفين هو أفضل أفلامه‏,‏ وتبادلنا نظرة طويلة نعرف معناها معا ومضي‏..‏ ومات جيبل بعد أربعة أيام إثر نوبة قلبية‏..‏ و‏..‏توجهت إلي سان فرانسيسكو حيث لا بيت ولا أحد ولا ارتباط ولكن ما كان يقلقني هو وجود مارلين بين أيد غريبة‏..‏ لقد أمضت معي أطول فترة أمضتها مع شخص حاولت فيها كثيرا أن تعطي لكنها فشلت لأنها تتلقي فقط‏..‏ طرحت بعدها مارلين من تفكيري وعلي المرء أن ينقذ نفسه بنفسه‏,‏ لكن ذلك الشعور بالتوجس ناحيتها كان لا ينتهي‏..‏ هل يعرف طبيبها الخطر المميت الذي يتهددها بنومها بالحبوب المنومة؟‏!‏ قد يطمئنه مظهرها في عيادته وهي في نضارة بنات المدارس اللاتي يشربن اللبن لكنه لا يعرف أنها قد قضت ليلتها بين فكي الموت‏..‏ كل ما فيها تآمر عليها حتي نضارتها الطبيعية المذهلة‏..‏ وعدت إلي نيويورك وبعدها تلقيت نبأ مصرعها بجرعة منومة‏,‏ ولم أستطع الاشتراك في وداعها فقد أدركت أنني سأكون هدفا لآلات التصوير الجهنمية‏..‏ وإذا ما كنت أندم علي شيء فهو لأنني بجميع قدراتي وحبي لم أستطع أن أجعلها تفخر بحياتها‏..‏ وصدقوني أنه عندما كان رجال العالم يحسدونني علي زواجي بمارلين مونرو كنت من جانبي أحسدهم لأنهم اكتفوا بالنظر إليها ولم يتزوجوها‏!..‏ إن هذه النوعية من الفنانات لديها رغبة ملحة ودفينة في الحرص علي الموت أكثر من الحياة‏,‏ وهذا ما يحقق بالتأكيد نظرية فرويد التي تقول إن الإنسان لديه غريزة حب البقاء وغريزة حب الفناء مجتمعتان‏..‏ إن الموت أصدق أصدقاء الفنانة من هذا النوع‏..‏ إنه الأقرب إليها من خلال الكأس‏..‏ ومن خلال المجاملة المصطنعة‏,‏ بل في التمثيل نفسه سواء علي الشاشة أو علي خشبة المسرح أو علي مسرح الحياة‏..‏ وأيضا في العزلة عن الناس أحيانا‏..‏ و‏..‏في الخوف علي نفسها وعلي القمة التي تصعد إليها أو تجلس فوقها أن تضيع‏..‏ كل هذا يؤدي إلي المرض أو الاستسلام للمرض أو الاستسلام للموت أو الانتحار‏.‏آرثر ميللر الذي زار مصر عام‏81‏ وأمضي فيها ثلاثة أسابيع مقيما في منزل الأمير صدرالدين خان بدرب اللبانة بالقلعة‏,‏ وزار المواقع الأثرية الإسلامية والقبطية والفرعونية في القاهرة والأقصر وأسوان‏,‏ ثم عاد إليها في عام‏1998‏ للقيام بزيارة نجيب محفوظ في بيته‏..‏ و‏..‏عندما التقي صاحبا نوبل قال كل منهما للآخر أنت أسطورة‏..‏ ويجيب ميللر علي أسئلة نجيب بأن قيمة الكاتب تبقي كما هي لا تضيف إليها ولا تنقص منها جائزة رمزية‏,‏ ونوبل قد حصل عليها كتاب لم نعد نسمع عنهم بينما أمثال تولستوي وفوكنر لم يحصلوا عليها وظلت أعمالهم خالدة للأجيال‏..‏ آرثر الذي وقعت بين يديه في بدايات الشباب رواية الإخوة كرامازوف رائعة دوستويفسكي‏,‏ وما أن أبحر عبر فصولها حتي وقع في أسر سحرها ليعرف طريقه المكتوب ما خلقت إلا لأكون كاتبا‏..‏ ميللر الذي ذهب إلي جنوب أفريقيا لملاقاة مانديلا ليقول عنه إن المعاناة لم تترك علي مانديلا ندبة علي نفسه‏,‏ وجريمته أنه طالب بحق التصويت لشعبه في بلاد يشكلون فيها الأكثرية الساحقة‏.‏آرثر قال الكثير والكثير وبين هذا الكثير كان الخيار مرهقا لاختيار القليل الذي منه‏:‏لعل ما يميزني عن الآخرين أنهم يصلون عادة متأخرين إلي مكان الحدث فيما أبكر أنا في الوصول‏,‏ وربما قبل وقوع الحدث‏....‏ لدي حدس مؤكد بما سيأتي من أحداث‏..‏ ولست أدري ما نفع الكاتب إذا لم يختزن في كتاباته تلك الطاقة الاستقرائية لزمانه الحاضر والمقبل‏....‏ مفهوم التراجيديا اختلف في وقتنا هذا عن العصور السابقة‏,‏ ففي الماضي كانوا يعتقدون أن هناك عقابا للشر ولكن الأمر الآن هو مجرد استعراض لمظاهر الشر‏....‏ الدرس الذي تعلمته في تاريخي الأدبي أن علي الكاتب أن يكتب قبل أن يتكلم عن عمله المقبل‏....‏ في الكتابة الموهبة أهم بكثير من الصنعة‏,‏ وقديما قال تولستوي إن القارئ يبحث عن روح الكاتب أكثر مما تبهره الصياغة والقواعد الفنية المحكمة‏....‏ المسافة الزمنية تجعل الفرصة مواتية لغربلة الرؤيا واستخلاص المعني من التجربة التاريخية‏,‏ بينما التعبير عن الحدث في زمنه يأتي مرتديا ثوب التناول الصحفي غير المتعمق‏....‏ في وسع الإنسان أن يكون مخلصا لنفسه أو مخلصا للآخرين‏,‏ لكنه لن يكون في مقدوره أبدا الإخلاص للطرفين معا‏....‏ الشيء الوحيد الذي أشعر أنني متأكد منه هو أن أي شخص يعتنق أيديولوجية ما هو شخص توقف عن التفكير‏....‏ أجمل عملين مسرحيين تمت كتابتهما إلي اليوم هما‏(‏ هاملت‏)‏ و‏(‏أوديب‏)‏ وكلاهما يدور موضوعه حول العلاقة بين الآباء والأبناء‏,‏ وهو بالتالي موضوع قديم لكنه يتجدد باستمرار‏....‏ أعشق الكتابة وهي وسيلتي الوحيدة للاستمرار في الحياة‏..‏ وكتابي المفضلون مثال‏(‏ سوفوكليس‏)‏ و‏(‏أيوريبيدس‏)‏ كتبوا أجمل ما عندهم بعد التسعين‏,‏ وأنا الآن بعد الثمانين سأحاول منافستهم في السنوات القليلة المتبقية من عمري‏....‏ لا أذيع سرا أنه كان من بين من مثلوا أمام لجنة مكارثي التي تفتش عن أصحاب الفكر الشيوعي في بداية الخمسينيات من أرشدوا عن زملاء لهم ومن بينهم المخرج الكبير‏(‏ إيليا كازان‏)‏ الذي أدهشني بما تبرع به من معلومات كانت بمثابة طعنات من الخلف‏..‏ عجبت لأني لا أضع الفن والخيانة في سلة واحدة‏....‏ بعض الناس عليهم ألا يتزوجوا فتلك التركيبة من العطاء والأخذ ليست موجودة عند كل الناس‏....‏ الجنس دائما هو الأفضل وهو جزء من الحياة‏,‏ فلماذا نخفيه في البدروم ونكلف المرتزقة بتوزيعه في السر‏....‏ بعض الناس يفشلون لأنهم يستحقون الفشل‏,‏ لكن البعض يفشل لأن المجتمع ليس مستعدا له بعد‏!.

أمثالنا الحديثة

اللى بيته من ازاز ميغيرش هدومه فى الصالون

اقلب القدره على فومه الفول يقع منها

ياخبر النهارده بفلوس بكره ينزل عليه اوكازيون

جيت الحزينه تفرح شغلت شريط حكيم وقعدت ترقص

قال يامحششين يكفيكو شر الكمين

اللى ياكل لوحده يشبع

اطبخى ياجاريه....الانبوبه فاضيه ياسيدى

لو حبيبك عسل.... ماتحطلوش طحينه

ياداخل بين البصله وقشرتهاحط قطره عشان هدمع منها

ضربو الاعور على عينه .....قالهم كسرتو النضاره

الباب اللى يجيلك منه الريح شيله وركب قبنورى

المركب اللى فيها ريسين يقعدو يلعبو طاوله

....عيد الشـــــــــــــــرطة


قصة عيد الشرطة
-------------
عيد الشرطة و هو أيضا العيد القومى لمحافظة الاسماعيلية
(الموافق 25 يناير 1952 فيحتفل به 25 يناير من كل عام)
يوضح لنا قصة كفاح شعب مصر ضد الاحتلال البريطانى الغاشم بكل طبقاته من شرطة و فدائيين و عمال و طلبة و مفكرين .. الخ .. أحببت أن نتعرف معا على قصة عيد الشرطة
يعتبر عـــام 1952 ، العام الثورى فى تاريخ مصر الحضارى
ولنبدأ ..... ب

مجـزرة الاسماعيلية
بوم الجمعة 25 يناير 1952

وصلت قمة التوتر بين مصر وبريطانيا الى حد مرتفع عندما اشتدت أعمال التخريب والأنشطة الفدائية فى ضد معسكراتهم وجنودهم وضباطهم فى منطقة القنال فقد كانت الخسائر البريطانية نتيجة العمليات الفدائية فادحة، خاصة في الفترة الأولى، وكذلك أدى انسحاب العمال المصريين من العمل في معسكرات الإنجليز إلى وضع القوات البريطانية في منطقة القناة في حرج شديد.
- وحينما أعلنت الحكومة عن فتح مكاتب لتسجيل أسماء عمال المعسكرات الراغبين في ترك عملهم مساهمة في الكفاح الوطني سجل [91572] عاملاً أسماءهم في الفترة من 16 أكتوبر 1951 وحتى 30 من نوفمبر 1951
- كما توقف المتعهدون عن توريد الخضراوات واللحوم والمستلزمات الأخرى الضرورية لإعاشة [80] ثمانون ألف جندي وضابط بريطاني
فأنعكس ذلك فى قيام القوات البريطانية بمجزرة الاسماعيلية التى تعتبر من أهم الأحداث التى أدت إلى غضب الشعب والتسرع بالثورة فى مصر

فقد أقدمت القوات البريطانية على مغامرة أخرى لا تقل رعونة أو استفزازًا عن محاولاتها السابقة لإهانة الحكومة وإذلالها حتى ترجع عن قرارها بإلغاء المعاهدة، ففي صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952 فاستدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة –"البريجادير أكسهام"- ضابط الاتصال المصري، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس "الشرطة" المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة والثكنات، وترحل عن منطقة القناة كلها. والانسحاب إلى القاهرة بدعوى أنها مركز إختفاء الفدائيين المصريين المكافحين ضد قواته فى منطقة القنال
ورفضت المحافظة الإنذار البريطاني وأبلغته إلى
وزير الداخلية
" فؤاد سراح الدين باشا "
الذي أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.
فقد القائد البريطانى فى القناة أعصابه فقامت قواته ودباباته وعرباته المصفحة بمحاصرة قسم بوليس "شرطة" الاسماعيلية لنفس الدعوى بعد أن أرسل إنذارا لمأمور قسم الشرطة يطلب فيه منه تسليم أسلحة جنوده وعساكره ، غير أن ضباط وجنود البوليس "الشرطة" رفضوا قبول هذا الانذار
ووجهت دباباتهم مدافعهم وأطلق البريطانيون نيران قنابلهم بشكل مركز وبشع بدون توقف ولمدة زادت عن الساعة الكاملة ، ولم تكن قوات البوليس "الشرطة" مسلحة بشىء سوى البنادق العادية القديمة
بطولة وشجاعة رجال البوليس "الشرطة" ضد البريطانيين
وقبل غروب شمس ذلك اليوم حاصر مبنى قسم االبوليس "الشرطة" الصغير مبنى المحافظة في الأسماعيلية ، سبعة آلاف جندي بريطاني مزودين بالأسلحة، تدعمهم دباباتهم السنتوريون الثقيلة وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان ، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على ثمانمائة في الثكنات وثمانين في المحافظة، لا يحملون غير البنادق
واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة في قصف مبنى المحافظة، ومع ذلك قاوم الجنود المصريون واستمروا يقاومون ببسالة وشجاعة فائقة ودارت معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة فى القسم ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين طويلتين من القتال، سقط منهم خلالهما 50 (خمسون) شهيدًا و (ثمانون) جريحا وهم جميع أفراد حنود وضباط قوة الشرطة التى كانت تتمركز فى مبنى القسم ، وأصيب نحو سبعون آخرون، هذا بخلاف عدد آخر من المدنيين وأسر من بقي منهم.

كما أمر البريطانيون بتدمير بعض القرى حول الاسماعيلية كان يعتقد أنها مركز إختفاء الفدائيين المصريين المكافحين ضد قواته فقتل عدد آخر من المدنيين أو جرحوا أثناء عمليات تفتيش القوات البريطانية للقرى المسالمة
وانتشرت أخبار الحادث في مصر كلها، واستقبل المصريون تلك الأنباء بالغضب والسخط، وخرجت المظاهرات العارمة في القاهرة، واشترك جنود الشرطة مع طلاب الجامعة في مظاهراتهم في صباح السبت 26 من يناير 1952
وانطلقت المظاهرات تشق شوارع القاهرة التي امتلأت بالجماهير الغاضبة، حتى غصت الشوارع بالجماهير الذين راحوا ينادون بحمل السلاح ومحاربة الإنجليز.
وكانت معركة الأسماعيلية ، الشرارة لنار تشتعل وتغير مجرى التاريخ
بداية المعركة
في يوم الجمعه ‏25‏ يناير ‏1952‏ اقدم الاستعمار البريطاني علي ارتكاب مجزرة وحشية لا مثيل لها من قبل‏..‏ ففي فجر هذا اليوم تحركت قوات بريطانية ضخمة تقدر بسبعة الاف ضابط وجندي من معسكراتها الي شوارع الاسماعيلية وكانت تضم عشرات من الدبابات والعربات المدرعة ومدافع الميدان وعربات اللاسلكي واتجهت هذه الحملة العسكرية الكبيرة الي دار محافظة الاسماعيلية وثكنة بلوكات النظام التي تجاورها واللتين لم تكن تضمان اكثر من‏850‏ ضابطا وجنديا حيث ضربت حولهما حصارا محكما‏.‏
وقدم الجنرال اكسهام قائد القوات البريطانية في الاسماعيلية في منتصف الساعة السادسة صباحا انذارا الي ضابط الاتصال المصري، المقدم شريف العبد، طلب فيه ان تسلم جميع قوات الشرطة وبلوكات النظام في الاسماعيلية اسلحتها وان ترحل عن منطقة القناة في صباح اليوم نفسه بكامل قواتها‏,‏ وهدد باستخدام القوه في حالة عدم الاستجابة الي انذاره‏,‏ وقام اللواء احمد رائف قائد بلوكات النظام‏,‏ وعلي حلمي وكيل المحافظة بالاتصال هاتفيا علي الفور بوزير الداخلية وقتئذ فؤاد سراج الدين في منزله بالقاهرة فامرهما برفض الانذار البريطاني ودفع القوة بالقوة والمقاومة حتي اخر طلقة واخر رجل‏.‏
وفي السابعة صباحا بدأت المجزرة الوحشية وانطلقت مدافع الميدان من عيار ‏25‏ رطلا ومدافع الدبابات ‏( السنتوريون‏)‏ الضخمة من عيار‏ 100‏ ملليمتر تدك بقنابلها مبني المحافظة وثكنه بلوكات النظام بلا شفقة او رحمة‏.‏
وبعد ان تقوضت الجدران وسالت الدماء انهارا امر الجنرال اكسهام بوقف الضرب لمدة قصيرة لكي يعلن علي رجال الشرطة المحاصرين في الداخل انذاره الاخير وهو التسليم والخروج رافعي الايدي وبدون اسلحتهم والا فان قواته ستستأنف الضرب باقصي شدة‏.‏
وتملكت الدهشة القائد البريطاني المتعجرف حينما جاءه الرد من ضابط شاب صغير الرتبة لكنه متأجج الحماسة والوطنية وهو النقيب مصطفي رفعت فقد صرخ في وجهه في شجاعة وثبات‏:‏
لن تتسلموا منا الا جثثاً هامدة
واستأنف البريطانيون المذبحة الشائنة فانطلقت المدافع وزمجرت الدبابات واخذت القنابل تنهمر علي المباني حتي حولتها الي انقاض بينما تبعثرت في اركانها الاشلاء وتخضبت ارضها بالدماء‏ الطاهرة. ‏
وبرغم ذلك الجحيم ظل ابطال الشرطة صامدين في مواقعهم يقاومون ببنادقهم العتيقة من طراز ‏(لي انفيلد‏)‏ اقوي المدافع واحدث الاسلحة البريطانية حتي نفدت ذخيرتهم وسقط منهم في المعركة ‏50‏ شهيدا و ‏80‏ جريحا‏,‏ بينما سقط من الضباط البريطانيين‏13‏ قتيلا و‏12‏ جريحا واسر البريطانيون من بقي منهم علي قيد الحياة من الضباط والجنود وعلي رأسهم قائدهم اللواء احمد رائف ولم يفرج عنهم الا في فبراير‏ 1952.
ولم يستطع الجنرال اكسهام ان يخفي اعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال‏:‏
- لقد قاتل رجال الشرطه المصريون بشرف واستسلموا بشرف ولذا فان من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا
وقام جنود فصيلة بريطانية بامر من الجنرال اكسهام بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم امامهم تكريما لهم وتقديرا لشجاعتهم‏.‏
لماذا الاحتفال بـ25 يناير
1952 في عام 1951 قررت الحكومة المصرية إلغاء المعاهدة التى أبرمتها مع بريطانيا عام 1936، و كان الوضع على الأرض شديد التعقيد ، فالقوات العسكرية البريطانية كانت متمركزة فى منطقة القنال وما حولها وكانت أعداد ضخمة من العمال المصريين يعملون في معسكراتهم و كان القائمون على توريد الأغذية و الخضر و خلافه من المصريين يسدون احتياجات هذه القوات التى تحتل مصر . وفى أعقاب إلغاء المعاهدة امتد شعور وطني جارف داخل المصريين بكافة طبقاتهم ، وقرر العمال هجر أماكن عملهم فى معسكرات الانجليز وأوقف الموردون أعمالهم ، وتعرضت القوات العسكرية البريطانية لموقف في غاية الإحراج حيث تعطل العمل داخل المعسكرات ، وصارت قواتهم شبة محصورة فبدأو يضغطون على الحكومة المصرية للتراجع عن موقفها و إرهاب الاهالى و العمال على السواء ، وذلك بمهاجمة المدنيين و إطلاق الرصاص على الأفراد و المنازل و إلقاء القنابل وغيره من الأعمال الوحشية ، وإزاء عدم استطاعة مصر الدفع بجيشها في تلك المعارك خوفا من تصفيتة ، واتخاذ الإنجليز ذلك ذريعة لإعادة احتلال القاهرة و باقي محافظات مصر . تقرر ان يتحمل عبء الدفاع عن القنالف رجال البوليس البواسل من بلوكات النظام ، و في أيام معدودة التحم الشعب بالشرطة و خاضوا معا معارك حربية حقيقية مع القوات البريطانية ، وقللت الحماسة الوطنية من خسائر المصريين وهونت منها ، وشعر المواطنون بالأمن فى ظل رجال البوليس الذين لم ينسحبوا او يتخاذلوا من معركة واحدة رغم بدائية تسليحهم مقارنة بالقنابل و المدافع و الطائرات البريطانية . و صار من الطبيعي ان يسقط شهداء المقاومة مع شهداء البوليس ، وان تحتضن أجسادهم تراب الوطن متراسين ، وأن يبكى الشعب رجاله الأبطال دون تفرقة ،وأدى وصول أعداد من الفدائيين إلى منطقة القنال - من كافة الطيارات السياسية و الطبقات الشعبية- إلى تنامي و ازدهار التلاحم الوطني ، واستمر الحال لأشهر قبل ان يصمم الإنجليز على إخراج جنود بلوكات البوليس من القنال لإنهاء مقاومتهم المسلحة لهم ولرفع الغطاء المادي والمعنوي عن الفدائيين والاهالى الذين يشنون عليهم حرب عصابات لذا تجمعت قوات عسكرية بريطانية مزودة بالدبابات والمصفحات والمدافع وحاصرت ثكنات بلوكات النظام ومبنى المحافظة ، وأرسلوا إنذار مهينا طلبوا فية خروج قوات البوليس بدون سلاح ومغادرتها منطقة القنال ورفض الرجال البواسل ذلك الطلب ، وعزز قرارهم تأييد وزير الداخلية لعدم استسلامهم والمقاومة ، وكان التصرف البريطاني بالمحاصرة قد أوقع البوليس في موقف صعب حيث أن المعارك الماضية كانت تجرى عادة في مناطق واسعة يتم تبادل الرصاص فيها من على أسطح المنازل وخلف المتاريس وعلى ضفتي المعابر المائية ، وكانت تسمح بالتلاحم الوطني ، فالأهالي كانوا يحملون الذخيرة والمؤن للرجال البواسل ، اما محاصرتهم بتلك القوات الضخمة فكان يعنى إمكانية نسف المكان عليهم وقتلهم جميعا ، ورغم ذلك قرورا المقاومة ، ودارت معركة حامية بين جيش الاحتلال وجنود البوليس الذين رفضوا تسليم سلاحهم ، وانتهت المقاومة في ثكنات بلوكات النظام حين اقتحمت المكان الدبابات البريطانية وأسرت رجال البوليس ، أما المحاصرون في مبنى محافظة الإسماعيلية فقد تمكنوا من الصمود لفترة طويلة ولكن نفاد ذخيرتهم وشدة القصف عليهم حال دون استمرارهم ، وعلى الرغم من خروجهم من المبنى إلا أنهم خرجوا رافعي الرؤوس وعم الحزن والأسى قلوب المصرين لسقوط حوالي 50 شهيدا و 80 جريحا من قوات البوليس البواسل ، وتخليدا هذه الذكرى التي حزن لها الجميع فان الوطن قرر أن يكون يوم 25 يناير من كل عام هو عيد للشرطة إحياء لذكرى الدماء التي جرت من اجل مصر وللرجال اللذين رفضوا تسليم سلاحهم الوطني.
من أقوال الزعماء
(اللواء/ محمد نجيب)
" أبنائي و اخوانى ضباط وجنود البوليس.. إننا نحتفل اليوم بذكرى شهدائنا الأبطال .. الذين سجلوا لمصر مجدا و عظمة و فخرا .. فى كل يوم تظهر لنا الايام مثلا جديدا يضربه المصري فى البطولة و الشجاعة و التضحية .. وإننا إذا رجعنا إلى المثل الذي نحتفل بة اليوم فلا تجد له مثيلا .. نفر قليل من المؤمنين من ابطالنا ضحوا الى أخر نسمة من أرواحهم فى سبيل الوطن أمام قوات تفوقهم قوة و عتادا وعددا.. إنهم قد فنوا عن بكرة أبيهم و فى هذا أقصى درجات المجد و كفاهم فخرا أن واحدا منهم لم يتزحزح عن مكانه.. أو يتخل عن موقعه.. فعلينا الا ننسى شهداءنا ، وقد سبقهم غيرهم من الشهداء فى فلسطين و فى غيرها من الميادين.. إنهم جميعا كانوا الطليعة لحركتنا المباركة .. كانوا نواتها التى بدأت تضع لنا الاسسس.. فحذونا حذوهم و سرنا على سنتهم .. فعلى أرواحهم وأرواح شهداء البوليس و الجيش و الشهداء جميعا نقرأ الفاتحة".
(الرئيس/ جمال عبد الناصر)
" إننا كنا نرقب دائما أيام القتال كيف كان يكافح رجال البوليس العزل من السلاح رجال الامبراطورية البريطانية المسلحين بأقوى الاسلحة و كيف صمدوا ودافعوا عن شرفهم وشرف الوطن ، كنا نرقب كل هذا و كنا نحس فى نفس الوقت أن الوطن الذى يوجد فية هذا الفداء و توجد فيه هذه التضحية لابد أن يمضى قدما إلى الأمام .. لابد أن ينتصر .. لقد راقبا معركة الاسماعلية و كنا نتلظى فى الجيش ، كنا نريد أن نفعل شيئا و لكننا فى تلك الايام لم يكن لنا حيلة و لكن كان هذا يدفعنا الى الامام و ذلك بدفاعهم و استشهادكم فى الاسماعلية"
( الرئيس / أنور السادات )
" كانت حوادث القتال تتفاقم يوما بعد يوم وكان شباب مصر يقوم بأعمال عظيمة وهو أعزل من كل سلاح الا وطنيتة وايمانة .. وكان رجال البوليس يتحملون العبء الأكبر من اعباء الجهاد ضد جيش كبير كامل التسليح ... راحت أيام شهر يناير سنة 1952 تمضى والحالة تسوء يوما بعد يوم الى ان كان يوم 25 يناير الذى ضربت فية قوات بريطانيا المسلحة - بأحدث الاسلحة والمدافع - دار المحافظة فى الاسماعيلية حيث توجد قوات البوليس المصرى المجردين من كل سلاح اللهم الا بنادق الحراسة القديمة وهدمتها فوق ضباط وجنود البوليس البواسل الذين ابوا ان يسلموا كما طلب منهم "
( الرئيس / حسنى مبارك )
" فى هذا اليوم من كل عام يحتفل شعبنا الوفى بأحد اعيادة الوطنية التى يعتز بها كل مواطن ينتمى الى البلد الامين .. لقد جسدت الشرطة على مر السنين القيم الراسخة للشعب المصرى حين التزمت بالامانة والاخلاص فى تحمل المسئولية مهما كانت تضحياتها .. وقد كان الولاء الاسمى لله والوطن والالتزام الصارم للواجب والمسئولية هما العنصران اللذان دفعا رجال الشرطة الى التفانى التام فى عملهم ليل نهار .. وكان طبيعيا ان يقف ابناء الشرطة فى خندق واحد مع رجال القوات المسلحة البواسل وهم يتصدون للذود عن سلامة التراب الوطنى والدفاع عن سيادة الوطن وسلامتة والتصدى لكل تهديد او عدوان .. كما وقفت مع جماهير الشعب التى ثارت للخلاص من الاستعمار والاحتلال الاجنبى والسيطرة الخارجية وسقط منها شهداء ابرار فى ساحة العطاء الاكبر فضربت بذلك اروع الامثال فى الوعى الوطنى ووضع حقوق الوطن فوق كل اعتبار لان مصر الكنانة هى الغاية والامل وهى مهد الحضارة الذى خصة الله بالذكر فى كتابة الحكيم .


منقووووووووول

الجهاد الصامت

أمس السبت، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" ان الصحافي السوداني محمد علي صالح اعلن "الجهاد الصامت، حتى الموت، امام البيت الابيض." وانه سيقف، صامتا، ووحيدا، ويحمل لافتة كبيرة عليها سؤالان: على جانب سؤال: "وات از تيروريزم؟" (ما هو الارهاب؟). وعلى جانب سؤال: "وات از اسلام؟" (ما هو الاسلام؟).وانه يفضل اثارة اسئلة، بدلا عن اعلان راي معين. وذلك بهدف اثارة الشعب الاميركي ليناقش الصلة السلبية بين الاسلام والارهاب التي اجتاحت الولايات المتحدة (والعالم) بعد هجوم 11 سبتمبر سنة 2001. وليطلب من الشعب الاميركي شيئين:اولا: ان يعرف كلمة "ارهاب". هل هي ارهاب شخص؟ او منظمة؟ او دولة؟
ثانيا: ان يعرف الاسلام؟ اليس هو الدين العظيم الذي هو الدين عند الله؟ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" رأيا كتبه محمد علي صالح تحت عنوان: "لماذا اعلنت الجهاد الصامت امام البيت الابيض". ومعه صورتان له امام البيت الابيض. وبالاضافة الى السؤالين في اللافتة: "ما هو الارهاب؟ و "ما هو الاسلام؟"، وفي حروف صغيرة، الجملتان الآتيان: "يريد الرئيس اوباما ان يحسن صورة امريكا في العالم الاسلامي. واريد انا ان احسن صورة الاسلام والمسلمين في امريكا. وسأكون هنا حتى الموت".وكتب محمد علي صالح انه، في الحقيقة، بدأ هذا "الجهاد الصامت" قبل اكثر من سنة، خلال الايام الاخيرة للرئيس السابق بوش. وكتب: " منذ سنة 1980، عشت وعملت في واشنطن مراسلا لصحف ومجلات عربية في الشرق الاوسط. ومنذ هجوم 11 سبتمبر سنة 2001، احسست بالحزن، والحيرة، والتوتر، والغضب بسبب سياسات الرئيس السابق جورج بوش نحو العالم الاسلامي. وبعد سنوات، وصلت الى قناعة بانها ليست الا حروبا خفية وغير مباشرة ضد المسلمين."واضاف: "لاني لم اقدر على كتابة هذا الرأي في الصحف الاميركية، قررت ان اقف صامتا ووحيدا، مع السؤالين، امام البيت الابيض."وقال محمد علي صالح انه ليس متظاهرا مثل بقية المتظاهرين. وانه لا يصرخ، ولا يهتف، ولا يناقش احدا، ولا يتوتر، ولا يهيج، ولا يمشي يمينا ويسارا، ولا يصوم عن الطعام او الشراب، ولا يعسكر امام البيت الابيض، ولا يريط نفسه بسور البيت الابيض. وانه يحرص على الصمت، وعدم الدخول في نقاش مع احد (الا اجابة سريعة وهادئة وقصيرة على سؤال سريع، او من صحافيين
). وانه يقف في انتباه. ويرتدي بدلة انيقة غامقة اللون. وذلك لانه يعرف ان مظهره وسلوكه جزء من الحملة الفردية التي اعلنها.وقال ان زوجته كانت تخطط لهما ليتقاعدا في ولاية فلوريدا الدافئة. لكنه قال لها انه، اذا اشتد برد الشتاء وصعب الوقوف امام البيت الابيض، يقدر على ان يعطي نفسه اجازة، ويذهبا الى فلوريدا.وقال انه، عندما يكبر اكثر في السن، ولا يقدر على الوقوف امام البيت الابيض، يخطط لان ينتقل الى مكان قريب من البيت الابيض (بدلا عن منزله الحالي في بيرك، في ولاية فرجينيا، من ضواحي واشنطن العاصمة). ويستعمل كرسيا متحركا. وانه، في اعماق نفسه، واذا اراد الله، يريد ان يموت امام البيت الابيض وهو يحمل اللافتة.وقال انه يأمل في جمع تبرعات خيرية كافية (عن طريق موقعه في الانترنـت) ليترك العمل الصحافي، ويتفرغ للجهاد الصامت امام البيت الابيض، وليس في عطلة نهاية الاسبوع فقط.وقال انه، في السنة الماضية، توقف عن خطته، وعن الوقوف امام البيت الابيض بعد ان صار باراك اوباما رئيسا. وبعد ان ذهب الى القاهرة، والقى خطابا الى العالم الاسلامي. وبعد ان قال انه يحترم المسلمين، ويريد حوار سلميا معهم. وبعد ان وعد بالضغط على اسرائيل للتوقف عن بناء مستوطنات في الارضي الفلسطينية. وبعد ان امر الموظفين الاميركيين الا يستعملوا عبارة "الحرب ضد الارهاب".لكن، قال صالح، انه، بعد سنة لاوباما في البيت الابيض، اقتنع بانه ليس الا سياسيا مثل غيره من السياسيين. وانه يقدم وعودا ليفوز في الانتخابات. وبعد ان يفوز، يخط ليفوز مرة اخرى في الانتخابات. وانه، لهذا، لا يملك الشجاعة ليحاور العالم الاسلامي. وليضع نهاية للظلم الامريكي الواقع على المسلمين بأسم ما يسمى "
الحرب ضد الارهاب." وقال صالح انه هو، لهذا، قرر العودة الى "الجهاد الصامت، حتى الموت، امام البيت الابيض."

الخــــــالدت 100


مجرد رأى

أعظم‏100‏ امرأة
بقلم: صلاح منتصر

تعودت أن أجده مقبلا علي في المسجد الصغير الذي نلتقي فيه كل جمعة‏..‏ دائما يشرق وجهة بابتسامة الرضا‏,‏ ويحمل لي الجديد الذي يؤكد أن في داخل كل طبيب ناجح أديبا عظيما‏,‏ ربما لأنه من البداية كان طالبا نابغا

وحصل علي المجموع الأكبر الذي فتح له أبواب الطب فأقبل علي العلم مجبرا لكنه أغلق علي صدره رغبة الأدب فلما حقق بغيته في الطب تحول إلي ماكان يتمناه ويريد‏.‏ وهو في كل الأحوال نموذج لذلك فقد تعب وسافر وتغرب‏17‏ سنة وتعرف بالعديد الذين تعامل معهم كطبيب بارع في تخصصه للأمراض الباطنية‏,‏ وبعد أن أشبع رغبته في الطب وعاد إلي مصر راح يعوض مافاته في القراءة والأدب والفكر مسجلا في دفاتره كل حكمة أو جملة أو نصيحة أو عبارة أو حكاية طرب لها‏.‏ إلي أن فاجأني قبل شهور بكتابه الأول الذي جمع فيه ثلاثة آلاف نصيحة وحكمة ومثال من مختلف الحضارات الفرعونية والصينية والهندية والفارسية والعربية والأوروبية والافريقية‏.‏ وبعد ذلك راح يحدثني في كل لقاء عن مولوده الجديد الذي تفرغ له لدرجة أنه راح يصفي اعمال الطب مكتفيا بعلاج مرضاه القدامي متفرغا للجنين الذي حمله في عقله وفكره وسيطر عليه إلي أن أتم وضعه‏,‏ وقدمه لي في الاسبوع الماضي يحمل اسم الخالدات‏100‏ أولهن السيدة مريم كانت لحظة من أسعد ايام الدكتور طبيب أحمد سلامة إبراهيم استشاري أمراض الباطنة‏,‏ وهو يقدم لي مولوده الجديد الذي أصدرته دار الكتاب العربي السورية في‏375‏ صفحة وقدم فيه قصص أعظم نساء التاريخ‏)‏ وفاء لكل امرأة تميزت في حياتها سواء في أمومتها أو انجازها في الماضي والحاضر‏),‏ إختار الدكتور سلامة شخصياته من كل عظيمات العالم من كل الجنسيات‏..‏ العظيمات في الإيمان وفي العطاء وفي العلم وفي القيادة وفي الصبر‏,‏ وفي تقديم الجديد إلي جانب المجاهدات والمناضلات‏,‏ وأخيرا العظيمات وراء الرجال العظماء‏.‏ ولأنه هو شخصيا عظيم في كفاحه وعلمه وصبره فقد بدأ الكتاب بشكر رفيقة كفاحه الدكتورة ناهد شعراوي محمد متولي التي تحملته‏30‏ عاما طبيبا وكاتبا وهاويا للموسيقي والشعر والفلسفة‏
!


الخميس 21 من محرم 1431 هــ 7 يناير 2010 السنة 135 العدد 44957