.........ذكرى لأخذ الدروس والعبر........





لقد مرت أمس الذكرى الثالثة الأليمة على العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة الذي حصد أرواح حوالي ألف وأربعمئة شهيد أغلبهم من الأطفال والنساء وخمسة آلاف جريح، ولايزال القطاع يرزح تحت الحصار الظالم الذي أحكمه عليه المحتل الإسرائيلي لينتقم من الشعب الفلسطيني على خياره الديمقراطي بانتخاب حركة حماس.

وحين وجد المحتل أن حصاره لم يحقق أهدافه بإسقاط حماس وحكومتها بيد الشعب الفلسطيني الذي جاء بها سوى حصاد أرواح الأطفال والنساء والمرضى بحرمانهم من الدواء والغذاء والكهرباء مع عمليات إرهابية بين الحين والآخر تغتال عددًا من الأبرياء، أقدم بقيادة حكومة أيهود أولمرت على فعلته الإرهابية الشنيعة في اليوم السابع والعشرين من ديسمبر عام 2008م، في غمرة احتفالات العالم بأعياد الميلاد وانشغاله بها، فتسدد قوات دولة الإرهاب الإسرائيلي أقوى ضرباتها الإرهابية على منازل غزة لتنهمر القنابل والقذائف وأسقف المنازل وجدرانها على رؤوس ساكنيها.

لقد كان العدوان على غزة وحشيًّا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث جربت اسرائيل آخر ما أنتجته مصانع السلاح الأميركية، ولم يتورع الإرهابيون عن استخدام الأسلحة المحرمة دوليًّا التي كانت قنابل الفوسفور الحارق إحدى القرائن الدالة على مستوى الجرم وغير الأخلاقي الذي وصلت إليه عقلية المحتل المنحرفة ونفسيته المريضة، كما لم يتورع عن استهداف المساجد والمدارس باحثًا عن الأبرياء ليشوي أجسادهم الغضة والبريئة، ولم تسلم من إرهابه حتى أطقم الإسعاف والمستشفيات في خرق صارخ لحقوق الإنسان الدولي ولاتفاقية جينيف الرابعة.

وكذلك لم تسلم المدارس والمخيمات التابعة للأمم المتحدة التي هي الأخرى أثبتت تواطؤها مع المجرم، بصمتها وعدم اتخاذها ما يلزم من إجراءات لوقف العدوان، حيث شاهدنا ذلك التناقض الفاضح للمواقف في تصريحات بان كي مون الأمين العام للمنظمة الدولية حين زار قطاع غزة ورأى بأم عينه الجريمة، ليأتي بتصريحات مناقضة أمام سادته في تل أبيب.

وحين نذكر القراء والغيورين بقضاياهم القومية ودماء إخوانهم الزكية بهذه الذكرى الأليمة، حتى تظل جذوة الذاكرة متوقدة لا تخبو منها هذه المآسي، فهي مهمة لاستحضار دروس التاريخ وأخذ العبر والمواعظ، ليس فقط لتأريخ هذه الأحداث فحسب، وإنما لمراجعة أنفسنا فيما يخص قضايانا، وليقف شاهدًا على تقصيرنا.

ولما كان الحصار ومن ثم العدوان هو لتعميق الانقسام الفلسطيني الذي نجح المحتل في زرعه بين أبناء الشعب الفلسطيني، فإننا لا نستغرب ما ذهب إليه بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة المتطرفة للاحتلال الإسرائيلي من أنه يرفض إجراء أي مفاوضات مع السلطة الفلسطينية في حال انضمت حماس إلى الحكومة الفلسطينية، لأنه يدرك أن طبيعة التفاوض التي يريدها ستختلف عن تلك التي كانت أثناء الانقسام ما إذا استؤنفت، فهو يعلم في قرارة نفسه أن موقف السلطة الفلسطينية وموقف رئيسها اكتسب قوة وزخمًا بالمصالحة ودخول الفصائل الفلسطينية لمنظمة التحرير، وهذا في حد ذاته يفشل المخطط الإسرائيلي الرامي إلى تصفية القضية الفلسطينية، ويمنع ابتزاز السلطة والاستفراد بها.

لا سيما وأن نتنياهو شدد على أمرين هما: الأول وهو أن "التقدم في مفاوضات السلام يجب أن يأخذ بالاعتبار الحاجات الأمنية "لإسرائيل" التي أصبحت أكثر أهمية نظرًا إلى الوضع الإقليمي".. كما يزعم. والثاني وهو أنه "لن يتسامح أبدًا في حال انتقل الوضع السائد في لبنان وفي قطاع غزة إلى الأراضي التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية"، مكررًا أنه ينتظر من الفلسطينيين أن يعترفوا بالكيان الإسرائيلي "دولة قومية للشعب اليهودي".

ولذلك فإن من الواجب على القيادات الفلسطينية بجميع توجهاتها أن تستثمر المناخ الآن وتكمل كل الملفات العالقة بالمصالحة، وأن تضع على جدول أعمالها ليس فقط رفض الاعتراف بيهودية اسرائيل بل وأيضا امكانية سحب الاعتراف الفلسطيني باسرائيل ذاتها والنظر في وضع خطة نضالية جامعة لمقاومة هذا العدو المتغطرس وانتزاع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني

منقول من جريدة
الوطن العُمـانية
التاريخ:






.........ثـــــــورة الشـــــك......




اكاد اشك في نفسي
لاني اكاد اشك فيك و انت مني
يقول الناس انك خنت عهدي


ولم تحفظ هواي و لم تصني
و انت مناي اجمعها مشت بي
المطمئن اليك خطى الشباب المطمئن


يكذب فيك كل الناس قلبي
و تسمع فيك كل الناس اذني
و كم طافت علي ظلال شك

اقضت مضجعي و استعبدتني

كاني طاف بي ركب الليالي

يحدث عنك في الدنيا وعنى


على اني اغالط فيك سمعي

و تبصر فيك غير الشك عيني و ما انا


وما أنا بالمصدق فيك قولا

و لكني شقيت بحسن ظني

وبي مما يساورني كثير من الشجن المؤرق


لا تدعني

تعذب في لهيب الشك روحي
و تشقى بالظنون و بالتمني


اجبني ان سالتك : هل صحيح حديث الناس

خنت؟

الم تخني ؟


اكاد اشك في نفسي

لاني اكاد اشك فيك و انت مني

يقول الناس انك خنت عهدي


ولم تحفظ هواي و لم تصني

و انت مناي اجمعها

مشت بي اليك خطى الشباب


المطمئن

شعر : الامير عبد الله الفيصل



...................أخبــــــار........



بان كي مون يناشد المجتمع الدولى

......مقتل القذافى وأخبار أخرى...

........وداعاً شـــــــــــــــــاليطـ




بكل البهجة والفرح والابتهاج يودع سكان قطاع غزة والشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية كلها الجندي الإسرائيلي الأسير جيلعاد شاليط، يودعونه بالأغاني والأهازيج والزغاريد وكأنه يوم عيد أو ليلةً من ليالي عرسٍ مهيب، خرجوا فيه جميعاً في جوف الليل إلى الشوارع والطرقات والميادين العامة، يهتفون ويكبرون ويهللون، يتعانقون ويتصافحون ويهنئون بعضهم بعضاً، يوزعون الحلوى والسكاكر، ويزورون بيوت الأسرى وأمهات المعتقلين، وكأنهم في مزارٍ أو موسمٍ أو مهرجان، فعمرت الأفراح البيوت الفلسطينية، وأشرقت البهجة على الوجوه، وارتسمت البسمة على الشفاه، فقد أزف يوم رحيل شاليط وحانت ساعة عودته إلى بيته، فقد كانوا في شوقٍ ولهفة لهذا اليوم الذي يودعونه فيه عائداً إلى بيته وأسرته الذين ينتظرونه منذ خمس سنواتٍ في خيمةٍ أمام مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي وعد قبل أن يتسلم رئاسة الحكومة الإسرائيلية بالتعجيل في استعادته وتحريره، وإعادته إلى بيته وأهله، مؤكداً عودته دون تنازلاتٍ يقدمها لآسريه، ومن غير شروطٍ يخضع لها، ودون الإفراج عن عديد الأسرى والمعتقلين الذين تصنفهم أجهزته الأمنية بأن أيديهم ملوثة بدماء الإسرائيليين.

كان وداع شاليط بالنسبة لسكان قطاع غزة خصوصاً والفلسطينيين عموماً حلماً يراود مخيلاتهم، ويتراءى كالخيال أمام ناظريهم، فكم تمنوا ألا تطول فترة وجوده أسيراً بأيديهم، ومحتجزاً عندهم، فما كان أحدٌ يرغب في استبقائه، أو الاحتفاظ به بينهم طويلاً، ولكن وداعه كان يبتعد كلما اقترب، ويتعقد كلما ظن الفلسطينيون أن شروطه قد تحققت، وتنقلب حكومته على أي اتفاقٍ قبل أن يوقع، وتتنكر لأي وسيطٍ إذا نجح، ولكنه اليوم أضحى حقيقةً لا خيالاً، وواقعاً لا أحلاماً، فعما قريب سيتحرر الأسرى، وسيعود المعتقلون الفلسطينيون إلى بيوتهم أحراراً، أعزةً كراماً، رؤوسهم عالية، وقامتهم ممشوقة، وهامتهم منتصبة، وخطاهم سريعة، فقد أطلقت المقاومة سراحهم، وحققت حلمهم بالحرية، وتمكن المقاومون من فرض شروطهم، وإكراه العدو على القبول بما كان يرفضه، والإذعان لما كان يظنه مستحيلاً، ويراه خطاً أحمراً لا يمكن تجاوزه، ولا ينبغي لأحدٍ التفكير فيه، أو الاعتقاد بأنه يستطيع أن يفرضه عليهم، ولكنه خضع في النهاية واستسلم، وعاد ليبتلع بصاقه، ويتراجع في كلامه، ويسلم لمفاوضيه بقوة إرادتهم، وصلابة مواقفهم، وقدرتهم الكبيرة على الصبر والاحتمال والصمود وفرض الرأي والموقف، فأعلن العدو بلسان رئيس حكومته أنه لن يستطيع أن يحقق أكثر من ذلك، وأنه لا يمكن استعادة شاليط بغير هذا الثمن، وأن آسريه يملكون من القوة ما يستطيعون فرض شروطاً أقسى، وأسماءاً أخرى، وأماكن غير مرغوبة.

وداعاً شاليط بلسان كل طفلٍ فلسطيني طال انتظاره لأبيه، وحال الأسر بينه وبين والده، فلم يراه سنينَ طويلة، ولم ينعم بأحضانه طيلة عمره، ولم يتمكن من تقبيله خلال الزيارات المحدودة إليه في سجنه، فقد حالت القضبان الحديدية والشباك الضيقة، والحراس الغلاظ الأشداء، وأخيراً العوازل البلاستيكية والزجاجية من معانقة الأسير لولده، ومنعته من تقبيل يد أمه، ومصافحة إخوته وأحبته، والاستمتاع باستقبالهم ساعةً في الشهر وربما ساعةً في السنة، فاليوم يودع الأطفال الفلسطينيين وأمهاتهم وأخواتهم وكل الشعب الفلسطيني شاليط، ويلوحون له بأيديهم مودعين ليستقبلوا برحيله آباءهم وإخوانهم وأحبتهم، ففي وداعة حرية، وفي رحيله اجتماع شمل، وفي عودته استعادة للبسمة والأمل، وفي غيابه يعود الأمن لغزة، والسلامة لأبنائها، والطمأنينة لأهلها، وتنفك عرى الكثير من مشاكلها وهمومها، وتبطل دعاوى الاحتلال، وتسقط معاذيره، ويصبح عليه لزاماً أن يرفع الحصار عن غزة، ويوقف العقاب الجماعي لأهلها، ويمتنع عن الإساءة لسكانها ويتركهم وشأنهم مع أنفسهم ومع جيرانهم في مصر، يتدبرون أمرهم، وينظمون شؤونهم، ويتفقون على آليات التعاون والعمل المشترك، ويكون قرارهم المستقل في فتح المعبر، وتسهيل انتقال المواطنين وعبورهم على جانبي الأرض العربية، واستعادة العلاقات التاريخية الحميمة بين الشعبين المصري والفلسطيني.

شاليط كان ضيفاً ثقيل الدم فما أحببناه، وكان شخصاً مكروهاً من على دبابته أنزلناه، ومن يده أخذنا البندقية، وجردناه من ثيابه العسكرية، وعلمناه أننا شعبٌ حرٌ يسعى لاستعادة حريته ونيل استقلاله، والتخلص من استعمار جيشه، ولكنه كان نزيلاً متعباً لم نكن نتمنى استمرار وجوده، فقد أرهقنا بقاؤه، وأتعبنا وجوده، ونال من حياة المئات من أهلنا الاحتفاظ به، وكان سبباً في معاناتنا وفرض الحصار علينا، ومنع اتصالنا بأهلنا وشعبنا، وبسببه وعلى أمل استعادته شن جيش كيانه حرباً دموية على غزة، فقتل بسببه المئات من شعبنا، ودمر قطاعنا، وأحال حياتنا إلى معاناةٍ شديدة وكربٍ عظيم، ولكن شعبنا عض على جرحه، وصبر على ألمه، وشد المئزر والحزام على بطنه، وحافظ على شاليط في أسره، أملاً في أن يستعيد به حرية أبنائه، ويطلق سراح من قد مكث في سجون الاحتلال أكثر من ثلاثة عقود، ويحرر من ظن الاحتلال أنه سيقضي بقية عمره في السجن، ومنه سينقل جثمانه إلى أهله ليدفن.

نودع شاليط اليوم وكلنا أمل أن نستقبل كل أسرانا، وأن نحرر كل معتقلينا، وأن ننهي عهدهم مع الأسر والاحتلال، وأن نحول دون اعتقال المزيد أو العودة من جديد إلى القيود والأسر، ولكننا إذ نودع شاليط فإننا نتمنى أن نستقبل ضيفاً آخر، وأن نأسر جندياً جديداً، وأن ننال من العدو بما يذله ويخزيه، فننزل جنوده من دباباتهم، بل نسقط طائراتهم، وندمر آلياتهم، ونقودهم أسرى إلى سجوننا، ونضع الأغلال في أيديهم لنحرر بهم من تبقى من أسرانا، ونعيد الحرية لمن استبقاهم العدو في سجنه، ورفض أن يفرج عنهم لأنهم أدموه وأذلوه، وقتلوا خيرة جنوده، ومرغوا بالتراب أنوف النخبة من وحداته العسكرية المختارة، وأجبروا قادته على الخضوع لشروطهم والنزول عند إرادتهم، وداعاً شاليط وأهلاً وسهلاً بمن سيأتي من بعدك أسيراً نذل به جيشك وقيادتك، فإننا لن نستسلم ولن نستكين، ولن نيأس ولن نهين، حتى يعود إلينا آخر أسيراً، ونهدم في أرضنا كل معتقل بناه عدونا، لنخرج منه كل سجين من شعبنا
********
******
****

moustafa.leddawi@gmail.com

الثورة‏..‏ وشباب مصر الحائر

لم يتوحد المصريون في فترة من فترات تاريخهم الحديث كما توحدوا في أيام ثورة‏25‏ يناير‏..‏ يومها شعر كل مصري أنه يدافع عن أرض ووطن ومستقبل وأننا جميعا في سفينة واحدة يجب الا تلقي مصير العبارات الغارقة في ظل النظام السابق.

توحد المصريون في ثورة يناير حول أشياء محددة وواضحة وصريحة ولهذا كان تقدير العالم لهم اعترافا بعراقة شعب وتاريخ وطن.. وتصورنا أن اللحظة التاريخية التي وحدتنا حول قضايا الحرية والعدالة والمساواة سوف تكون دستورا يحدد مسيرة المستقبل في مصر التي نريدها..
ولكن للأسف الشديد بقدر ما كان التوحد بين أبناء الشعب الواحد مثار تقدير واعتزاز بقدر ما كانت الانقسامات الدامية أخطر ما نتعرض له الآن حيث لا تجد خمسة أشخاص من بين85 مليون مواطن يتفقون علي شيء واحد.. ظواهر غريبة وسيئة ظهرت في حياتنا كشعب وسلوكياتنا كأشخاص بحيث أنها أصبحت تهدد مستقبل هذا الوطن..
هناك انقسام واضح وصريح بين أجيال مصر ولابد أن نعترف بأن لغة الخطاب قد اختلفت تماما.. نحن أمام أجيال جديدة نجحت في إشعال ثورة أطاحت برأس النظام والواضح أن النظام نفسه كان قد تهاوي وكان من السهل أن يسقط في ساعات وليس في أيام فقد فقد كل مقومات وجوده.. نحن أمام أجيال جديدة نشأت في ظل مناخ سياسي وثقافي واجتماعي مريض.. ولهذا كان من السهل أن تظهر كل أمراضنا مرة واحدة في هذه الأجيال التي لم تتوافر لها الظروف الإنسانية المناسبة لكي تتشكل بصورة متوازنة في الأخلاق والسلوك والثقافة..
أن قضية مصر الأولي الآن هي قضية شبابها الذي يزيد تعداده علي50 مليون إنسان تتراوح أعمارهم ما بين18 إلي40 سنة.. وفي ظل حسابات إنسانية واقتصادية واجتماعية فإن هؤلاء الشباب يعتبرون ثروة حقيقية لأن المجتمعات الشابة في العالم كله قليلة في عددها وظروف نشأتها وللأسف الشديد أن ما يعتبره العالم شيئا إيجابيا وظاهرة صحية تدعو للتفاؤل تحول عندنا أمام الإهمال والاستبداد والفقر إلي عبء كبير نعاني منه الآن وقد كان لذلك شواهد كثيرة..
< نحن أمام أجيال من الشباب لم تمارس العمل السياسي في أي مرحلة من مراحل حياتها.. أنها أجيال تربت ونشأت في ظل تركيبة اجتماعية تحاصرها القيود ابتداء بقيود المجتمع وانتهاء بقيود السلطة أنها أجيال عاشت ثلاثين عاما لا تري غير حاكم واحد وحزب واحد وإعلام واحد وثقافة واحدة ووجوه لم تتغير في كل مجالات الحياة.. نحن أمام شباب دخل السجون مبكرا.. وحرمته السلطة من أن يعيش حياته كما يحب وكما يريد إذا اتجه إلي الله حاصرته قوات الأمن في المساجد.. وإذا اتجه إلي الشيطان حاصره الإعلام في فضائح موسيقي الميتاليك وعبدة الشيطان.. وهذا الشباب نفسه كان محرما عليه أن يمارس العمل السياسي في الجامعة الا إذا انتسب إلي حورس والحزب الوطني ولجنة السياسات..
< نحن أمام جيل عاش كل سنوات عمره في ظلام دامس وحين فتح عينيه ونظر للسماء ووجد أن هناك صبحا وسماء وقمرا بدأ يتمرد علي واقعة البغيض فاتجه إلي أكثر من مكان ولهذا لم يكن غريبا يوم الجمعة الماضي علي سبيل المثال أن يتجه فريق من المتظاهرين إلي دار القضاء العالي مطالبا بتطهير القضاء ويتجه فريق آخر إلي ما يسبيروا مطالبا بتنقية الإعلام ويتجه فريق ثالث إلي وزارة الداخلية مطالبا بعلاقة أكثر إنسانية بين الشعب وأجهزة الأمن ثم يتجه فريق رابع ليهدم جدارا شاذا أقامته الدولة لحماية السفارة الإسرائيلية في توقيت خاطيء وظروف استثنائية وظل فريق آخر في ميدان التحرير يبعث برسائل غضبه ورفضه وأحلامه..
إن الأزمة الحقيقية أن كل هذه الفرق من الشباب لم تجد أحدا يتحدث أو يتحاور معها.. لقد وجد هؤلاء جميعا أنفسهم في الشارع بلا أمن وبلا مسئولين وبلا أحزاب وبلا حكماء يتحدثون معهم.. أن هؤلاء الشباب لم يجدوا يوما من يتحاور معهم أو يسمعهم أو يشعر بآلامهم لا في البيت والأسرة ولا في المدرسة ولا في الجامعة ونزلوا إلي الشوارع بلا عمل.. نحن شعب فقد القدرة تماما علي الحوار أمام لغة القهر والاستبداد.. أننا بذلك نعيد صور الأمس البغيض حيث كان الشعب في وادي والمسئولين في وادي آخر.. أن معظم الشباب الذين ذهبوا إلي دار القضاء العالي لا يعرفون شيئا عن الدستور والذين ذهبوا لاحراق علم إسرائيل لا يعرفون الكثير عن اتفاقية كامب ديفيد لأن90% من هؤلاء لم يكونوا قد ولدوا يوم أن وقع السادات هذه الاتفاقية في سبعينيات القرن الماضي.. نحن هنا أمام أجيال لم تجد الثقافة الصحيحة ولا التعليم السليم ولم تجد مناخا سياسيا يوفر لها الوعي الكامل ولغة الحوار..
نحن أمام شباب تلوثت كل منابع تكوينه ما بين سطحية مفرطه في الثقافة وفساد مخيف في الإعلام وجهل مدقع في التعليم وبعد ذلك نطالبه الآن أن يتحاور بوعي وأن يعارض بفهم وأن يتظاهر بترفع وأن يتحدث عن الديمقراطية والدستور وحقوق الإنسان وكلها أشياء لم يمارسها أبدا في حياته القصيرة وإذا كان قد عرف شيئا منها فقد كانت معلومات مغلوطة وأفكار مشوشة..
هذه الأجيال نشأت في ظل سلطة مستبدة وأحزاب وقوي سياسية مغرضة ومناخ ثقافي وفني وإعلامي شديد الانحطاط بجانب تعليم أفسد أهم مقومات هذا الوطن وهو مؤسساته التعليمية بما فيها من ثوابت أو قيم..
< نحن أمام جيل من الشباب العاطل.. كنت أشاهد ألاف الشباب وهم يحملون الشواكيش ويهدمون جدار الحكومة الذي أقامته أمام السفارة الإسرائيلية وسألت نفسي لماذا لم تتجه هذه القوة وهذا العنفوان إلي أرض سيناء الخالية.. هذا الشباب الذي استنفد شبابه وأحلي سنوات عمره في الطرقات والمقاهي وملاعب اللهو وكرة القدم ألم يكن أجدر به أن يذهب إلي المساحات الشاسعة من الأراضي في قلب سيناء.. ألم يكن الأجدر به أن يذهب إلي صحراء توشكا التي ألقينا فيها حتي الآن أكثر من12 مليار جنيه ولم نفعل فيها شيئا.. ألم يكن هذا الشباب أحق بمئات المصانع التي بعناها وتخلصنا منها وتحولت بين أيدي أصحابها إلي عقارات ومنتجعات..
أن الآلاف من هؤلاء الشباب حصلوا علي أعلي الدرجات في كلياتهم ولكن توريث الوظائف حال دون وصولهم إلي شيء منها.. لقد ورث أبناء القضاة منصات القضاء وورث أبناء الأطباء المستشفيات وكراسي الجامعة وورث أبناء المحامين الكبار مكاتب أبائهم حتي الفنانون والصحفيون والإعلاميون ولاعبو الكرة ورثوا أعمالهم لأبنائهم.. إن الالاف من هؤلاء الشباب الذين تظاهروا في التحرير أو القضاء العالي أو مايسبيرو كانوا الأحق والأجدر بأن يكونوا الآن في أعلي الوظائف والمناصب.. ولكن أمام نظام فاسد مستبد ومجتمع نسي العدالة وتخلي عن كل القيم الإنسانية أطاح بأصحاب المواهب الحقيقية من أجل أبناء الأكابر واللصوص وحملة المباخر وكذابي الزفة والمنافقين علي كل الموائد..
< ألم يكن غريبا أن يرفع شبابنا.. شباب مصر بكل تراثها صور رموز أخري غير رموز بلادهم.. من يصدق أن النموذج الأكبر في خيال شبابنا الآن هو رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان وهو نموذج رفيع وقدوة طيبة بكل تأكيد ولكن لماذا لا يكون أمام شبابنا عشرات النماذج الإنسانية الرفيعة في كل شيء من أبناء وطنهم.. أن خطيئة النظام السابق أنه أهدر كل قيم هذا المجتمع واستباح رموزه وكان دائما حريصا علي أن يختار الأسوأ في كل شيء.. ولهذا قصرت القامات حتي أصبحت أقزاما واستطاع هذا النظام الفاسد أن يجهض كل أصحاب القامات الرفيعة في هذا الوطن.. وعندما كبر شبابنا أصبح النموذج الوحيد والقدوة الوحيدة هي مطرب هابط أو لاعب كرة أحرز هدفا..
لقد اختصر هذا النظام مصر بكل تاريخها في مجموعة أشباح مشوهة من البشر حيث لا قدرات ولا مواهب ولا انتماء جثموا علي أنفاس شعب مغلوب علي أمره عشرات السنين.. لقد انقلب الهرم الاجتماعي في أرض الكنانة حيث أصبح مجموعة من السماسرة وتجار الأراضي هم سادة هذا المجتمع في سلطاته وماله ونفوذه وانزوت كل الطبقات تنعي حظها الأسود أمام غياب العدالة وغياب القدوة وانحطاط السلوكيات..
أن الأخطر من ذلك أننا أمام هذه الصور المختلفة والمريضة فقدنا الثقة في أنفسنا وقدراتنا.. أننا نتحدث عن أنفسنا بروح الهزيمة رغم أننا شعب يحمل رصيدا تاريخيا عظيما في كل شيء في إبداعاته وإنجازاته وقدراته.. كثيرا ما تسمع من يتحدث عن النموذج التركي في الإسلام رغم أننا كنا ومازلنا أهم معاقل العقيدة الإسلامية بالأزهر الشريف والعلماء الأجلاء.. تجد من يتحدث عن النموذج الاقتصادي في ماليزيا.. أو سنغافورة أو حتي دبي ودول الخليج.. رغم أن المقارنة أمر لا يليق فقد كان عندنا طلعت حرب وعشرات النماذج البشرية المشرفة في كل المجالات منذ عشرات السنين.. وتجد من يقارن بين جامعة القاهرة بكل عراقتها وجامعات إسرائيل.. لقد كنا دائما في موقع المقارنة مع دول أوربا المتقدمة وحين انتهت الحرب العالمية الثانية جاءت إلي مصر وفود كثيرة هاربة من ويلات الحرب في إيطاليا وألمانيا وأسبانيا واليونان لماذا كل هذا الإحساس بالعجز وعدم القدرة الذي خلفه فينا النظام السابق وجعل كل أحاديثنا عن الزيادة السكانية والفقر والجوع ومعدلات الجريمة وأنفلونزا الطيور والخنازير في وقت كان فيه لصوص النظام يسرقون لبن أطفالنا الصغار..
في تقديري أن قضية مصر الأولي الآن هي قضية شبابها الذي خرج من سراديب ظلام طويل ليشاهد الأنوار في ميدان التحرير وعلي شاشات التلفزيون وأعمدة الصحف والجرائد ويفتح عينيه علي وطن جديد أصبح لديه رصيد كبير من الأحلام في غد أفضل.. يجب أن نسعي لفهم أجيالنا الجديدة ونعطيها الفرصة لأن تتعلم وقد تخطيء وهي تسير خطواتها الأولي نحو المستقبل إلا أن الشيء المؤكد أن غدا سيكون أفضل وأن هذه الأجيال التي ذاقت طعم الحرية سوف تكون أقدر علي صياغة حياتها المهم أن نسمع لهم ونعطيهم خبراتنا وتجاربنا ولا نتعالي عليهم وأن ندرك بأمانه أن ما أصابهم من الأمراض والعلل كان من أخطائنا وعلينا الآن أن نصلح أنفسنا قبل أن نفكر في إصلاح ما حولنا..


..ويبقي الشعر
ماذا تـبـقـي من بلاد الأنـبياء..
لا شيء غـير النــجمة السوداء تـرتـع في السماء..
لا شيء غير مواكب القـتــلـي وأنـات النـساء
لا شيء غـير سيوف داحس الــتي
غـرست سهام الموت في الغـبراء
لا شيء غير دماء آل البيت مازلت تـحاصر كربلاء
فالكـون تابوت.. وعين الشـمس مشـنـقـة
وتاريخ العروبة سيف بطش أو دماء
ماذا تـبقـي من بـلاد الأنـبياء
خمسون عاما
والحنـاجر تملأ الدنيا ضجيجا ثـم نبتلع الهواء..
خمسون عاما والفوارس تحت أقدام الخيول
تئن في كمد.. وتصرخ في استياء
خمسون عاما في المزاد
وكل جلاد يحدق في الغنيمة ثم ينهب ما يشاء
خمسون عاما والزمان يدور في سأم بنـا
فإذا تعثـرت الخطي
عدنا نهرول كالقطيع إلي الوراء..
خمسون عاما
نشرب الأنخاب من زمن الهزائم
نـغرق الدنيا دموعا بالتـعازي والرثـاء
حتـي السماء الآن تـغـــلق بابها
سئمت دعاء العاجزين وهل تــري
يجدي مع السـفه الدعاء..
==================
يكتبها‏:‏ فاروق جويدة
هوامش حرة
عدد الجمعة
الأهرام

.........أعتذار



السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

واسفة لعدم الكتابة او تنزيل

أى مواضيع
جديدة طوال الفترة

الماضية وذلك لظروف خاصة


قد تطول لبعض الوقت ولكنى

مستمرة والحمد لله على

المدونة الرئيسية

صعبان على حالنا2