David Dow
المحامى بتكساس والذى يسمى
المحامى بتكساس والذى يسمى
محامى الربع ساعة الاخيرة
يروي فى هذا الكتاب تجربتة
– في الدفاع عن المحكوم عليهم بالإعدام ومحاولاته
الكثيرة والمتكررة لإنقاذ حياتهم بالتنقيب
في ملفاتهم بحثا عن ثغرة أو عنصر
- مهما كان صغيرا-
يقلب المعطيات ويبطل حكم الموت.
ولقد اصبح هذا المحامي
في ولاية تكساس
نــــجمــــــاً
فهو يُسخّر كفاءته وذكاءه لمحاولة إنقاذ موكليه
– أبرياء كانوا او مذنبين -
من الموت فعندما ينعدم الأمل فإن
أنظار المحكوم عليهم بالإعدام تتجه إليه
المحامي دافيد دو مؤلف هذا الكتاب
المحامي دافيد دو مؤلف هذا الكتاب
الذي صدرت ترجمته الى اللغة الفرنسية
في باريس في 28 أبريل نيسان الماضي
يدرّس القانون أيضا ويؤلف الكتب الأكاديمية.
بدأ اهتمامه بالقضايا التي تصدر فيها أحكام
بالإعدام منذ عام 1980 عندما
أعدّ دراسة مقارنة بين أربع ولايات أميركية
بشأن الحكم بالإعدام فيها،
والتقى أثناء اجراء بحثه الاكاديمي
بعضا من صدر عليهم حكم بالإعدام،
وأحدهم كان موعد تنفيذ الحكم فيه قريبا،
وبعد الالتقاء به والاستماع الى قصته
رأى أنّ من واجبه كمحام أن يدافع
عنه في محاولة لإنقاذ حياته.
وهكذا انطلق اختصاص هذا المحامي
وهكذا انطلق اختصاص هذا المحامي
وهو يقول إنه بعد عشرين عاما من ذلك التاريخ فإنّ 100 حكم بالإعدام تمّ تنفيذها في “تكساس” وحدها وقد تولى الدفاع عن الكثير منهم، وهو يزعم بأنّ سبعة على الأقلّ ممن اعدموا أبرياء وذهبوا ضحية اخطاء قضائية.
عنصرية وفساد
ما زال الحكم بالإعدام ساريا ومعمولا به في أكثر الولايات بأميركا من بينها ولاية “تكساس”، التي يتم فيها تعيين القضاة بالانتخاب، ولذلك فهم يسعون إلى استرضاء المواطنين بإصدارهم أحكاماً بالإعدام على مجرمين يكنّ لهم المجتمع الكراهية. ويُؤكد المؤلف بأنّ الحكم بالإعدام الذي يصدره القضاة لا يخلو من “عنصرية” ومن “فساد” ومن “عدم كفاءة القضاة والمحامين أيضا” - حسب تعبيره -، كما يكشف عن حالات تولت فيها الشرطة الضغط على مواطنين للإدلاء بشهادات مزورة لتوريط المتهمين. والمؤلف لا يخفي أن بعض القضاة يراعون عند إصدارهم حكماً بالإعدام في بعض الحالات ارضاء هذا السياسي أو ذاك من أحد أعضاء مجلس الشيوخ لأهداف وغايات سياسية، كما أن الكتاب يدين تقارير الخبراء والأطباء النفسانيين التي تأتي في الكثير من الأحيان جوفاء ولا كفاءة لمن أعدها. ويروي المؤلف حادثة عجيبة حصلت له شخصياً فقد ذكر أن قاضية ساومته على الارتباط معها بعلاقة جنسيّة ان اراد استبدال حكم الاعدام على موكله!!.
يقضي المحامي وقته في النبش في آلاف الصفحات الخاصة بملفات المتهمين، بحثا عن الثغرة والجزئية التي تسمح له – قانونيا- بربح الوقت، ووقف تنفيذ حكم الإعدام، وهو في سعي دائم ليظفر بتحويل الإعدام إلى سجن مؤبد، ولكنه يعترف بأنه غالبا ما يخسر قضاياه، ولكنّه في أحيان قليلة يربحها.
وهو يؤكد في كتابه أنه لا يمنح آمالاً كاذبة لموكليه ولا يغذي فيهم أوهاما، كما أنّه يرفض الدفاع عن متّهم يدرك من البداية أنه لاحظ له إطلاقا في إنقاذه مضيفاً: “إني اتعمد عندما أتولى قضية احد المورطين في قضية اقناع نفسي بأن لا وجود لفرص كبيرة وحظوظ وافرة لي كمحام في ربحها، ولكن ومع تقدم البحث والتدقيق في الملف ودراسة كل جزئية، فإنّ اعتقادي في إمكانية ربح القضية يزداد وينمو يوماً بعد آخر”.
في هذا الكتاب يصف دافيد دو لقاءاته مع المحكوم عليهم بالإعدام ويروي مآسيهم، ولا يخفي مشاعر التعاطف إزاء من يعتقد أنهم أبرياء. كما أنّه يروي أيضا - كشاهد عيان - كيفية تنفيذ أحكام الإعدام، ويقول إن المادة القاتلة يتم تسريبها على مراحل ثلاث، فأوّلا يتم ضخ مادة كيميائية في جسم المحكوم عليه بالاعدام، ونظريا فإن هذه المادة يكون لها مفعول يقلل من الألم المحتمل، وعندما لا تكون الكمية المسربة للجسم كافية - وهذه حالات تحصل - فإنّ الشخص يشعر بآلام مبرحة عندما يتمّ ضخّ المادة الثانية، ويزداد الألم مع المادة الثالثة التي قال المحامي إنها تحدث ألماً شبيه بما قد يحدثه سكب ماء النار على جرح مفتوح.
ويصف المحامي تردده باستمرار على السجن المعتقل به المحكوم عليهم بالإعدام، ويقول ان السجين في مثل هذه المعتقلات الخاصة بالمحكوم عليهم بالإعدام يقضي 23 ساعة من يومه في زنزانته (5 في 6 أمتار مربع)، دون تلفزيون وبإمكانه الاستماع إلى مذياع لا يلتقط إلاّ محطتين فقط.
ورغم توفر بعض الكتب، لكن هذه النوعية من المجرمين - حسب شهادة المحامي- يكرهون الكتب، وهم يقضون أكثر الوقت في النوم، ومنهم من يبقى نائما 14 ساعة بأكملها، وبقية الوقت يخصص للأكل وتلقي الزيارات ومدتها لا تتجاوز الساعة الواحدة، ويبقى في اليوم خمس ساعات يقضونها في عزلة تامة يجترون في وحدتهم أفعالهم التي أدت بهم إلى هذا الوضع.
ندم متأخر
يصف المؤلف في كتابه السجن الذي يتم بين جدرانه تنفيذ الإعدام، وهو ينقل الحالة النفسيّة السيئة التي عاشها بعد تنفيذ أول إعدام على موكله أمامه، كما ينقل للقراء الحالة التي يكون عليها المحكوم عليهم بالإعدام ساعة تنفيذ الحكم وذكر بأن أكثرهم يعبّرون عن ندمهم الكبير عن الجرائم التي ارتكبوها.
والجدير بالذكر أنّه تمّ عام 2001 تنفيذ 52 حكماً بالإعدام في الولايات المتحدة الأميركية و60 حكما عام 2005 و 85 حكما عام 2009، وإنّ جلّ الولايات الأميركية حافظت على القانون الذي ينصّ على الإعدام، في حين أن ولايات قليلة ألغته ومنها ولايات: ألكسا، هاواي، ميشيغن، نيويورك وفرجينا.
والمؤلف يؤكد بأنه سيتمّ إلغاء الحكم بالإعدام آجلا أم عاجلا إذ يقول: “عندما يصبح ابني البالغ من العمر الآن تسعة أعوام محاميا، فإنّ الحكم بالإعدام لن يكون موجودا في كلّ الولايات المتحدة الأميركية”. وهو يرى أنّ تاكساس ستنحني هي أيضاً أمام الإلغاء، ولكنه يعترف ويقر بأنّ الرأي العام الأميركي يؤيّد الإعدام.
ومن الملفت أن المؤلف يجزم بإمكانية إلغاء الإعدام لا لأسباب إنسانية أو حقوقية، ولكن لأسباب مالية، ففي ولاية كاليفورنيا التي تُعاني من صعوبات مالية واقتصادية فإنّ تكاليف المحكوم عليهم بالإعدام بلغت 137 مليون دولار العام الماضي فقط.
والكتاب يطرح سؤالاً متداولاً اليوم في الدول الغربية التي لم تلغ كلياً او جزئياً الحكم بالإعدام وهو: هل من واجب المجتمع ومن حقه ان يصدر حكماً بالموت على من يخرق القانون ويلحق ضرراً بغيره؟ وهل يحق الانتقام من مرتكب جريمة بمخالفته للقوانين إصدار حكم عليه بموت “قانوني”؟
عنصرية وفساد
ما زال الحكم بالإعدام ساريا ومعمولا به في أكثر الولايات بأميركا من بينها ولاية “تكساس”، التي يتم فيها تعيين القضاة بالانتخاب، ولذلك فهم يسعون إلى استرضاء المواطنين بإصدارهم أحكاماً بالإعدام على مجرمين يكنّ لهم المجتمع الكراهية. ويُؤكد المؤلف بأنّ الحكم بالإعدام الذي يصدره القضاة لا يخلو من “عنصرية” ومن “فساد” ومن “عدم كفاءة القضاة والمحامين أيضا” - حسب تعبيره -، كما يكشف عن حالات تولت فيها الشرطة الضغط على مواطنين للإدلاء بشهادات مزورة لتوريط المتهمين. والمؤلف لا يخفي أن بعض القضاة يراعون عند إصدارهم حكماً بالإعدام في بعض الحالات ارضاء هذا السياسي أو ذاك من أحد أعضاء مجلس الشيوخ لأهداف وغايات سياسية، كما أن الكتاب يدين تقارير الخبراء والأطباء النفسانيين التي تأتي في الكثير من الأحيان جوفاء ولا كفاءة لمن أعدها. ويروي المؤلف حادثة عجيبة حصلت له شخصياً فقد ذكر أن قاضية ساومته على الارتباط معها بعلاقة جنسيّة ان اراد استبدال حكم الاعدام على موكله!!.
يقضي المحامي وقته في النبش في آلاف الصفحات الخاصة بملفات المتهمين، بحثا عن الثغرة والجزئية التي تسمح له – قانونيا- بربح الوقت، ووقف تنفيذ حكم الإعدام، وهو في سعي دائم ليظفر بتحويل الإعدام إلى سجن مؤبد، ولكنه يعترف بأنه غالبا ما يخسر قضاياه، ولكنّه في أحيان قليلة يربحها.
وهو يؤكد في كتابه أنه لا يمنح آمالاً كاذبة لموكليه ولا يغذي فيهم أوهاما، كما أنّه يرفض الدفاع عن متّهم يدرك من البداية أنه لاحظ له إطلاقا في إنقاذه مضيفاً: “إني اتعمد عندما أتولى قضية احد المورطين في قضية اقناع نفسي بأن لا وجود لفرص كبيرة وحظوظ وافرة لي كمحام في ربحها، ولكن ومع تقدم البحث والتدقيق في الملف ودراسة كل جزئية، فإنّ اعتقادي في إمكانية ربح القضية يزداد وينمو يوماً بعد آخر”.
في هذا الكتاب يصف دافيد دو لقاءاته مع المحكوم عليهم بالإعدام ويروي مآسيهم، ولا يخفي مشاعر التعاطف إزاء من يعتقد أنهم أبرياء. كما أنّه يروي أيضا - كشاهد عيان - كيفية تنفيذ أحكام الإعدام، ويقول إن المادة القاتلة يتم تسريبها على مراحل ثلاث، فأوّلا يتم ضخ مادة كيميائية في جسم المحكوم عليه بالاعدام، ونظريا فإن هذه المادة يكون لها مفعول يقلل من الألم المحتمل، وعندما لا تكون الكمية المسربة للجسم كافية - وهذه حالات تحصل - فإنّ الشخص يشعر بآلام مبرحة عندما يتمّ ضخّ المادة الثانية، ويزداد الألم مع المادة الثالثة التي قال المحامي إنها تحدث ألماً شبيه بما قد يحدثه سكب ماء النار على جرح مفتوح.
ويصف المحامي تردده باستمرار على السجن المعتقل به المحكوم عليهم بالإعدام، ويقول ان السجين في مثل هذه المعتقلات الخاصة بالمحكوم عليهم بالإعدام يقضي 23 ساعة من يومه في زنزانته (5 في 6 أمتار مربع)، دون تلفزيون وبإمكانه الاستماع إلى مذياع لا يلتقط إلاّ محطتين فقط.
ورغم توفر بعض الكتب، لكن هذه النوعية من المجرمين - حسب شهادة المحامي- يكرهون الكتب، وهم يقضون أكثر الوقت في النوم، ومنهم من يبقى نائما 14 ساعة بأكملها، وبقية الوقت يخصص للأكل وتلقي الزيارات ومدتها لا تتجاوز الساعة الواحدة، ويبقى في اليوم خمس ساعات يقضونها في عزلة تامة يجترون في وحدتهم أفعالهم التي أدت بهم إلى هذا الوضع.
ندم متأخر
يصف المؤلف في كتابه السجن الذي يتم بين جدرانه تنفيذ الإعدام، وهو ينقل الحالة النفسيّة السيئة التي عاشها بعد تنفيذ أول إعدام على موكله أمامه، كما ينقل للقراء الحالة التي يكون عليها المحكوم عليهم بالإعدام ساعة تنفيذ الحكم وذكر بأن أكثرهم يعبّرون عن ندمهم الكبير عن الجرائم التي ارتكبوها.
والجدير بالذكر أنّه تمّ عام 2001 تنفيذ 52 حكماً بالإعدام في الولايات المتحدة الأميركية و60 حكما عام 2005 و 85 حكما عام 2009، وإنّ جلّ الولايات الأميركية حافظت على القانون الذي ينصّ على الإعدام، في حين أن ولايات قليلة ألغته ومنها ولايات: ألكسا، هاواي، ميشيغن، نيويورك وفرجينا.
والمؤلف يؤكد بأنه سيتمّ إلغاء الحكم بالإعدام آجلا أم عاجلا إذ يقول: “عندما يصبح ابني البالغ من العمر الآن تسعة أعوام محاميا، فإنّ الحكم بالإعدام لن يكون موجودا في كلّ الولايات المتحدة الأميركية”. وهو يرى أنّ تاكساس ستنحني هي أيضاً أمام الإلغاء، ولكنه يعترف ويقر بأنّ الرأي العام الأميركي يؤيّد الإعدام.
ومن الملفت أن المؤلف يجزم بإمكانية إلغاء الإعدام لا لأسباب إنسانية أو حقوقية، ولكن لأسباب مالية، ففي ولاية كاليفورنيا التي تُعاني من صعوبات مالية واقتصادية فإنّ تكاليف المحكوم عليهم بالإعدام بلغت 137 مليون دولار العام الماضي فقط.
والكتاب يطرح سؤالاً متداولاً اليوم في الدول الغربية التي لم تلغ كلياً او جزئياً الحكم بالإعدام وهو: هل من واجب المجتمع ومن حقه ان يصدر حكماً بالموت على من يخرق القانون ويلحق ضرراً بغيره؟ وهل يحق الانتقام من مرتكب جريمة بمخالفته للقوانين إصدار حكم عليه بموت “قانوني”؟
جريدة الاتحاد
تاريخ النشر: الخميس 17 يونيو 2010الطيب بشير
تاريخ النشر: الخميس 17 يونيو 2010الطيب بشير