صدمة لرموز النظام السابق في السجن بعد فوز مرسي


خيمت أجواء من الحزن والوجوم والحسرة بين رموز النظام المصري السابق في منطقة سجون طرة في جنوب القاهرة، حيث يمضي عدد منهم عقوبة السجن والحبس الاحتياطي على ذمة تحقيقات منظورة أمام القضاء، وذلك في أعقاب سماع خبر فوز مرشح الإخوان الدكتور محمد مرسي برئاسة مصر.. وفي الوقت نفسه شهدت منطقة «المنصة» شرق القاهرة مواجهات بالحجارة بين أنصار المرشح الخاسر أحمد شفيق، وأنصار مرشح الإخوان عقب إعلان الأخير رئيسا.
وقالت مصادر أمنية رفيعة المستوى بمنطقة سجون طرة لـ«الشرق الأوسط» إنه تم أمس على غير العادة إغلاق جميع الزنازين بسجون المنطقة، والتي تضم سجن ملحق المزرعة، والمزرعة، وليمان طرة، وسجن الاستقبال، وسجن «العقرب» شديد الحراسة، في تمام الساعة الثانية ظهرا بدلا من الساعة الخامسة كما هو مقرر قانونا؛ وذلك في إجراءات أمنية خشية حدوث أي تداعيات تضر بأمن السجن عقب إعلان نتيجة الانتخابات، وأشارت المصادر إلى أن جميع السجناء بوجه عام ورموز النظام السابق بوجه خاص حرصوا على متابعة التلفزيون المصري لمعرفة نتيجة الانتخابات، وبمجرد إعلان النتيجة أصيب جميع رموز النظام السابق بحالة وجوم وذهول.
ويعتقد كثير من المراقبين أن المرشح الخاسر أحمد شفيق كان محسوبا على النظام السابق، وكان يمثل طوق نجاة من وجهة نظر بعض الرموز السابقة. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، أعلن شفيق، ترشحه للرئاسة بعد ما قال إنها مطالبات شعبية ملحة له للترشح للمنصب، وفي 24 أبريل (نيسان) الماضي قررت لجنة الانتخابات الرئاسية المصرية استبعاده من قائمة المرشحين تطبيقا لقانون عرف إعلاميا باسم العزل السياسي صادر عن البرلمان ويقضي بحرمان متقلدي مناصب بعينها في عهد مبارك من مباشرة حقوقهم السياسية ومن ثم الترشح للرئاسة إلا أنه طعن أمام لجنة الانتخابات على قرار استبعاده وقبلت اللجنة طعنه ومن ثم أعيد إلى السباق. وقبل يومين من جولة الإعادة قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون من الأساس.
وأشارت المصادر الأمنية في سجون طرة إلى أن أبرز المتأثرين بنبأ فوز الدكتور مرسي كانا نجلي الرئيس السابق علاء وجمال مبارك المحبوسين بسجن ملحق المزرعة بعد أن تمت إعادتهما إليه مرة أخرى من سجن المزرعة عقب نقل والدهما الرئيس السابق إلى مستشفى القوات المسلحة بالمعادي؛ حيث أصيبا بحالة اكتئاب شديدة ودخلا في نوبة من البكاء المستمر عقب إعلان النتيجة مباشرة، بينما أصيب كل من رئيس مجلس الشورى السابق صفوت الشريف ورئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق زكريا عزمي بحالة ذهول شديدة، وكذلك الحال بالنسبة للمتهمين في قضية قتل المتظاهرين بميدان التحرير المعروفة إعلاميا بـ«موقعة الجمل».
ولفتت المصادر الأمنية إلى أنه على الجانب الآخر، كان أكثر السجناء فرحا بنبأ فوز الدكتور محمد مرسي المحبوسين السياسيين بسجن «العقرب»، والذين يبلغ عددهم نحو 50 سجينا غالبيتهم من الإسلاميين، حيث أعربوا عن أملهم في قيام الدكتور مرسي بالوفاء بعهده، وأن يكون أول قرار له عقب توليه مهام الرئاسة هو الإفراج بالعفو عنهم.
وفي شرق القاهرة، وبجوار منطقة المنصة التي شهدت مقتل الرئيس المصري الراحل محمد أنو السادات، جلست واحدة من أنصار شفيق تدعى أم أحمد تستمع عبر الراديو إلى خطاب المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في انتظار إعلان نتيجة الانتخابات في أول انتخابات رئاسية عقب الثورة، إلا أن النتيجة كانت كالصاعقة بالنسبة لها وللعشرات ممن كانوا يقفون بجوارها، ولملايين المصريين في البيوت ممن أيدوا شفيق، وذلك بعد الإعلان عن فوز مرسي.
وكانت أم أحمد التي جاوزت العقد الخامس تستمع إلى الإذاعة في ترقب ولهفة، وتتشاجر مع من حولها حينما تعلو أصواتهم، وهي تردد في أمل: «بكرة الفريق يحكم ويضع العملاء والخونة في السجون»، ففوز الفريق يمثل لها إنقاذ مصر من المؤامرات الخارجية.
وعلى الرغم من محاولات الجنرال المتقاعد المضنية للدفاع عن طبيعة علاقته بالماضي، فإن كثيرين لا يستطيعون نسيان أنه الشخص الذي لجأ إليه مبارك عندما كانت سفينة حكمه توشك على الغرق، كما أنه كان رئيسا للوزراء في الوقت الذي تعرض فيه متظاهرو التحرير في أيام مبارك الأخيرة لاعتداء من خارج الميدان فيما يعرف إعلاميا بـ«موقعة الجمل» التي قتل فيها 11 شخصا وجرح المئات.
وعقب إعلان النتيجة التي أطاحت بآمال أنصار الفريق شفيق، طافت في الشارع المجاور الذي تجمع فيه أنصار للمرشح الخاسر، سيارات أطلقت أبواقا أعربت عن فرحتها بفوز مرسي، الأمر الذي استفز أنصار الفريق مما أدى إلى وقوع مواجهات بالحجارة سيطر عليها رجال الأمن. وألقت أم أحمد باللائمة على أنصار مرسي وأنصار جماعة الإخوان.
ويقول مؤيد لشفيق يدعى طارق الشيخ، وهو يحمل صورة كبيرة لشفيق: «نحن نعترض على تولي مرسي الرئاسة، ولا نرضى بالحكم ونجلس لنعبر عن تضامننا مع الفريق أحمد شفيق.. شفيق هو رئيس مصر». وهتف عدد من أنصار شفيق: «يسقط يسقط حكم المرشد». وأدى تجدد المناوشات بين الطرفين إلى غلق طريق النصر الذي يربط ضاحية مدينة نصر وميدان العباسية في شرق القاهرة، بينما تزايدت عربات الأمن المركزي لمنع تجدد الاشتباكات بين المحتفلين بفوز مرسي، والمعترضين على قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية.