Showing posts with label مقالات منقولة- الشروق. Show all posts
Showing posts with label مقالات منقولة- الشروق. Show all posts

خمسة ×مخمسة=المستقبل

إلى الشباب أتحدث، كاستجابة لبعض رسائلهم وتساؤلاتهم بشأن دورهم والذى يريدون أن يلعبوه دون أن يعرفوا إن كانوا مؤهلين له أم لا. والإجابة أنهم قطعا مؤهلون أن يكونوا «رساليين». لكن قبل الرسالة، نحن بحاجة لروح حامل الرسالة. وأستعين بالرموز (بل الأسلحة) التى لخصها أستاذى الفاضل، د.سيف الدين عبدالفتاح، والتى استقاها من أحاديث شريفة كى تكون قائدنا فى معاركنا الخمس التى سنواجهها.

هذه الرموز هى: التمرة، والفأس، والسفينة، والفسيلة، والثغر.

فهناك أولا روح التمرة


التى أوصانا الرسول أن نتبرع ولو بشق منها (أى بجزء منها)، وعليه فلا يحقُرَن أحدنا من المعروف شيئا. أقم نفسك حيث أقامك الله بأن تجعل لنفسك أجندة إصلاح، بالمعنى المادى، اكتب فيها ما تراه خطأ واقتراحاتك لكيفية الإصلاح، وناقشها مع من تتخير من الزملاء وارفعها لمن هم أعلى منك فى السلم الوظيفى أو هى لك حين تعمل أو تترقى إلى موقع المسئولية.

وهناك ثانيا روح الفأس


التى تشير لأن يعتمد كل منا على نفسه قدر استطاعته وألا يجعل من الوساطة أو المعارف مسوغ نجاحه. وقد أشار الرسول للفأس حين قال للرجل الذى أراد صدقة أن يبيع ما يملك وأن يشترى فأسا وأن يذهب ليحتطب حتى يعمل وألا يكون عالة على الآخرين.

وهناك ثالثا روح السفينة


والتى تقتضى منا ألا يفكر أحدنا بمنطق أنه يستطيع أن ينجو بمفرده وأن يترك الآخرين يخرقون قاع السفينة خرقا غير آبهين بالصالح العام. فهى مركب واحد لنا جميعا، لا نسمح لأحد بأن يختطفها أو يخرقها أو يقفز منها؛ فحين تشرق الشمس فستشرق على الجميع.

وهناك رابعا روح الفسيلة


التى نحن مأمورون بزراعتها حتى ولو كانت القيامة بعد ساعة، فمسئولية الإصلاح دائمة ومستمرة حتى ولو لم نر عوائدها فى حياتنا. ولعلها كانت هى الروح المسيطرة على كل من شارك فى ثورة 25 يناير، فكل أعطى من وقته وماله ودمه ما استطاع حتى قامت قيامتنا فقمنا.

وخامسا روح الثغر


والتى تعنى أن كلا منا على ثغر من ثغور الإصلاح، كل فى موقعه ومجاله، وكل مطالب بالاجتهاد والتفكر كيف يصلح ما هو عليه قبل أن يفكر فى إصلاح ما هو بعيد عن دائرة تأثيره.

هذه أسلحة خمسة نحتاجها فى معارك خمس نحن متخلفون فيها:


مجال الأخلاق الشخصية


(متى آخر مرة تصرفت بوحى من الضمير وليس المصلحة؟)


ومجال الآداب العامة


(متى آخر مرة احترمت فيها أى طابور؟)


ومجال التثقيف والوعى


(متى آخر مرة حاولت فيها توعية صديق بشأن واجبه السياسى؟)


ومجال المشاركة والتطوع


(متى آخر مرة تطوعت فيها لعمل جماعى؟)


ومجال الحكم الرشيد


(متى آخر مرة حضرت ندوة سياسية لتعرف ما خفى عليك من شئون الوطن؟)
التحديات كثيرة، وروح الإصلاح هى أعظم ما خرجنا به من ثورتنا، فلنستثمرها
بقلم:
معتز بالله عبد الفتاح
3 مايو 2011 08:30:41 ص
بتوقيت القاهرة
الشروق

...منتهى الانضباط .....


قطع نداء الساكنة المزعجة فى الدور الثالث على بشير البواب وصلة اللعب الممتع مع أول أحفاده ساعة العصارى فتمتم فى سرِه ساخطا: ماذا تريد هذه المرأة التى لا تكف عن ملاحقتى بطلباتها؟ منذ خلت عليها الشقة بوفاة زوجها وهجرة أولادها للخارج وهى تفرغت لمناكفته، تستكثر عليه كوب الشاى يرتشفه وهو يداعب حفيده محمد الذى ينتظر زيارته الشهرية بفارغ الصبر. لو أن صحته كانت تساعده لما تردد فى السفر أسبوعيا لرؤية حفيده فى أسيوط وتخلص من مطاردة السكان خصوصا ساكنة الدور الثالث، لكنه انقطع عن عادة زيارة البلد منذ وقت طويل.

يا بشير...قالتها مدام ناهد مُلَحَنَة هذه المرة فأشفق على الجيران من صوتها الجهورى، طبع على خد محمد قبلة وضع فيها كل ما يحمله له فى قلبه من محبة، أجلسه على الدِكة الخشبية إلى جانب جدته وصعد إلى الدور الثالث.

على باب شقتها كانت تنتظره ناهد نافدة الصبر، وضعت فى يده الكاميرا الديجتال وطلبت منه أن يذهب إلى محل التصوير فى آخر الشارع ليطبع الصور على ( سى دى). ازداد غيظه منها بعد أن أخبرته بما تريد، فما هو وجه العجلة فى مثل هذا الطلب؟ كان بوسعها الانتظار نصف ساعة أو حتى ساعة، تعمق فى داخله الإحساس بأنها تتعمد مضايقته، لكن ماذا يقول؟ ما باليد حيلة.. أخذ منها الكاميرا وانصرف.

سولت لبشير نفسه أن يفتعل أى مشكلة حتى لا يقضى لناهد طلبها أو فى القليل يتلكأ فى قضائه، لم يكن يعلم أن هناك بالفعل مشكلة فى انتظاره. على بعد خطوات من العمارة استوقفه عسكرى جئ به منذ بضعة أيام لا أكثر لتنظيم المرور فى هذا الشارع الذى يختلط فيه الناس بالسيارات وسأله:

أين هو الإيصال الذى يثبت ملكيتك لهذه الكاميرا؟
لم يفهم بشير السؤال فكرره العسكرى على مسامعه، تمالك دهشته وأجاب:
إنها ليست كاميرتى بل هى خاصة بإحدى ساكنات العمارة التى أحرسها، وقد أرسلتنى ل...
لم يتركه العسكرى يكمل جملته وقاطعه قائلا:

ــ هذا من باب أولى، فمن يدرينى أنك لم تقم بسرقتها.
ــ هل تقصد أن كل من يحمل جهازا عليه أن يحتفظ بفاتورة شرائه فى جيبه؟
ــ بالضبط.

ــ فإن لم تكن معى فاتورة؟

ــ ساعتها أصادر منك هذه الكاميرا لأنك تعجز عن إثبات مصدرها.
ــ هل هذا قانون جديد؟

ــ إنه إجراء وقائى جديد.

ضرب الرجل كفا بكف، عشرون عاما وهو يحرس هذه العمارة، ويقطع هذا الشارع، ويقصد هذه المحال وما استوقفه أحد ليسأله عن إيصال أو فاتورة مع أن بكوات العمارة وهوانمها أرسلوه عشرات المرات لإصلاح أجهزتهم الكهربائية، وبعضها يفوق ثمنه قيمة الكاميرا، فلماذا تأتى الشرطة اليوم لتشكك فى ذمته وهو المواطن الصالح؟ قرر أن ينتقل من الدفاع إلى الهجوم.
يا حضرة الأمين (لم يكن أمين شرطة) إن هذا الشارع لا يمر عليه يوم واحد إلا ويشهد واقعة سرقة.

فى مرة تمهلت سيارة فاخرة إلى جوار امرأة وانتزعت حقيبتها، وفى أخرى كرر الفعلة نفسها لصان يركبان دراجة بخارية، وفى ثالثة احتك أحدهم بسيدة وكاد يخلع كتفها لأنها دافعت عن حقيبتها. وفى كل المرات أفلت اللصوص بغنائمهم، وحضرتك تطالبنى بإيصال الكاميرا!
أرأيت؟ من أجل انتشار السرقة فى شارعكم قررت الشرطة تكثيف إجراءات الأمن.
تستطيع أن تتأكد أننى لا أكذب إن كلفت نفسك وجئت معى إلى.

بدت على وجه العسكرى علامات التبرم وقال:
هل أذهب مع كل مواطن إلى حيث يقيم؟ اختر الآن وبسرعة إما الإيصال أو الكاميرا. فى ثوان فكر بشير أنه لو أخرج تليفونه المحمول من جيب سرواله واتصل بمدام ناهد لتبرئ ساحته فربما سأله العسكرى عن إيصال المحمول وساعتها تكون الكارثة، إذ كيف يثبت ملكية هذا المحمول الذى اشتراه مستعملا قبل ثلاث سنوات من محل فى شارع عبد العزيز؟
راهن بشير على أن العسكرى لن يفعل فالمحمول لا يغرى أحدا على سرقته.

سأطلب لك إذن مدام ناهد يا باشا لتتأكد أنها سلمتنى الكاميرا بنفسها.
ارتبك العسكرى قليلا، لم يكن يحب أن يتطور الموضوع فى هذا الاتجاه، لكنه حدث. قالت ناهد للعسكرى:
نعم يا شاويش أنا التى أرسلت بشير بالكاميرا لمحل التصوير.
فعلا فعلا.

سأدعه يذهب يا مدام فقط إكراما لخاطرك أنتِ.
صرخت ناهد فى أذنه حتى بلغ صوتها بشير نفسه فابتسم، الآن وجد فائدة لعصبية هذه المرأة:
لا يا سيدى ليس إكراما لخاطرى بل لأن هذه هى الحقيقة، ولأنى أنا نفسى لا أحتفظ بفواتير مشترياتي، ثم تعالى هنا إن هذا الشارع لا تتوقف فيه حوادث السرقة، و.....
مفهوم.. مفهوم يا مدام خلاص.

مع أن حدوتة بشير مع العسكرى انتهت على هذا النحو، إلا أن الرجل عاد أدراجه كسيرا، فماذا دهاه؟. لم يستكثر العسكرى عليه أن تكون الكاميرا ملكا له فقد أكد أن هذا الإجراء يسرى على كل المارة، والحق أيضا أنه لم يتطاول عليه ولا استنفر صعيديته الأصيلة، لكن الذى أحزن بشير أن العسكرى رفضته الكاميرا قبل أن يدفع غرامة عشرين جنيها لأنه وضع نفسه فى موضع اشتباه، هكذا؟!. كان الحارس المسكين يخطط لأن يدس الورقة ذات العشرين جنيها فى يد حفيده قبل أن يغادر إلى أسيوط، فقد بدأ الصغير يقبض راحته على الأشياء، ويبدو حتى أنه تعلم أن يعطى اهتماما خاصا للأوراق النقدية. الآن لن يفعل بشير ذلك فى انتظار أن يفرجها الله من باب آخر.

تهلل محمد لمرأى جده يَلُوح له عن بعد فنسى المسكين ناهد والشاويش والكاميرا وكل الأشياء السخيفة التى صادفها، وحث الخطى قدر استطاعته متجها إليه. فى اليوم التالى وفى كل الأيام التالية التقطت أذناه صرخات النساء على حقائبهن المسروقة بعد أن زادت حوادث السرقة عما قبل، والأدهى أنه سمع أن إحدى الشقق تعرضت للسرقة فى غيبة أصحابها، تمتم بشير فى داخله ساخرا: ليتهم تركوا الشارع بلا حراسة